رساله فی فن الالقاء والحوار والمناظره

اشارة

رقم الإیداع فی دار الکتب والوثائق وزارة الثقافة العراقیة لسنة 2011: 1125

الرقم الدولی: 9789933489052

الفتلاوی، علی، 1960 - م.

رسالة فی فن الإلقاء والحوار والمناظرة / إعداد علی الفتلاوی. - کربلاء: العتبة الحسینیة المقدسة، 1433ق. = 2012م.

ص112. – (قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة؛ 66).

1. الوعظ – آداب ورسوم – دراسة وتعریف. 2. الخطابة – فن. 3. المبلغون الإسلامیون – وصایا. 4. الإسلام – تبلیغات – فن. ألف. عنوان.

5 ر / 2 ف / 4 / 261 BP

تمت الفهرسة فی مکتبة العتبة الحسینیة المقدسة قبل النشر

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

رسالة فی فن الإلقاء والحوار والمناظرة

اعداد

الشیخ علی الفتلاوی

إصدار

شعبة الدراسات والبحوث الاسلامیة

فی قسم الشؤون الفکریة والثقافیة

فی العتبة الحسینیة المقدسة

ص: 4

جمیع الحقوق محفوظة

للعتبة الحسینیة المقدسة

الطبعة الثانیة

1433ه_ __ 2012م

العراق: کربلاء المقدسة - العتبة الحسینیة المقدسة

قسم الشؤون الفکریة والثقافیة - هاتف: 326499

www.imamhussain-lib.com

E-mail: info@imamhussain-lib.com

ص: 5

المقدمة

باسمه تعالی

الحمد لله الذی منّ علینا بنعمه وآلائه والصلاة والسلام علی سید المرسلین والأنبیاء وإمام الخطباء وسید البلغاء أبی القاسم محمد وعلی آله الأطهار ولسان الحکمة الأخیار.

أما بعد:

عندما وجدت أن الخطابة علم وفن لها أصولها وأسسها رأیت من الحکمة أن نوجز شیئاً مما قاله أهل الفن عنها لکی تکون أداة یستعین بها طلبة مدرسة الخطابة علی تحقیق أهداف المدرسة التی تأسست فی العتبة الحسینیة المقدسة.

وأضفت علی هذه الرسالة الموجزة شیئاً من أصول الحوار والمناظرة والتأثیر فی الآخرین لتکون سلاحاً بید الخطیب الذی یذهب إلی مناطق التبلیغ لکی یتحقق الغرض من التبلیغ.

ونسأل الله تعالی التوفیق.

الشیخ علی الفتلاوی

أستاذ فن الإلقاء والحوار والمناظرة

ص: 6

ص: 7

علم الخطابة وفنها

اشارة

ص: 8

ص: 9

تعریف الخطابة

الخَطابة: بالفتح مصدر خطَب بالفتح یخطُبْ، ویأتی المصدر أیضاً خُطبة وخَطْباً، وهو إلقاء الکلام علی الغیر، ومجازاً یأتی خطب بمعنی وعظ؛ لأنه یمارس الوعظ عن طریق مخاطبة الناس، وقیل: إن الخطبة اسم للکلام وضع موضع المصدر کما علیه جمع من اللغویین.

والصفة المشبهة منه الخطیب وهو الذی یلقی الکلام، والجمع خطباء، وإذا قیل رجل خطیب: أی حسن الخُطبة، ویقال: فلان أخطب أهل زمانه إذا لم یکن هناک أحسن منه فی الخطابة أسلوباً أو مضموناً، والخطّاب کثیر الخطابة، والمؤنث منه الخطابة، والخطبة عند العرب هو الکلام المنثور المسجّع ونحوه. والخطابة هذه إحدی أغراض علم المنطق والتی تسمی بالصناعات الخمس، وهی: صناعة الشعر، صناعة المغالطة، صناعة البرهان، صناعة الجدل، وصناعة الخطابة.

وجاء تعریفها فی المنطق: بأنها صناعة علمیة یمکن بواسطتها إقناع الجمهور بالأمر الذی یتوقع حصول التصدیق به بقدر الإمکان، وقولهم صناعة: أی ملکة یقدر صاحبها بواسطتها علی الإیفاء بغرضه، وفیما نحن فیه تکون الخطابة قدرة التکلم مع الناس بشکل یفی بالغرض المطلوب، وعرفها الحوفی: فن مشافهة الجمهور واقناعه واستمالته، وقال أرسطو: الخطابة هی القوة القادرة علی الإقناع.

ص: 10

تاریخ الخطابة

یعود تاریخ الخطابة إلی تاریخ الإنسان نفسه، إذ هی إحدی وسائل التعبیر التی استعملها الإنسان فی مجالات حیاته، ولا شک فی أنها أقدم من الشعر، وهما فنّان أدبیّان استعملهما عموم وخصوص من وجه کما فی الخطیب والشاعر فإن بعض الشعراء خطباء وبعضهم لیسوا بخطباء والعکس بالعکس.

وممن اعتنی بالخطابة الیونانیون، فقد قام علماؤهم بدراستها،ومنهم أرسطو، حیث بحث موضوع الخطابة وأسسها وتقسیماتها الثلاثة: الاستشاریة، والقضائیة، والاستدلالیة بحسب تقسیماته.

وأما الخطابة فی الجاهلیة فکانت لها مکانة لدیهم، وکان الأسلوب الخطابی عندهم یعتمد السجع فی الکلام، ولعله هو الأسلوب المفضل عند العرب البلغاء، ولذلک نری ان هذا الأسلوب هو المتبع فی القرآن الحکیم وکلام أهل البیت علیهم أفضل الصلاة والسلام.

وتختلف الخطابة باختلاف الغرض الذی سیقت إلیه فربما کانت حماسیة إذا أنشئت فی مجال الحرب والقتال، وربما کانت تفاخریة إذا ما تناولت ذکر أمجاد قومهم أو آبائهم أو بلدهم، وربما کانت غیر ذلک کالمستعملة فی زواج أو ممات أو إصلاح أو تهنئة أو قضاء أو ما شابه ذلک، ولا معنی لتحدیدها بموارد معینة؛ لأنها تتبع الغرض الذی لأجله تنشأ الخطبة.

ص: 11

وفی الإسلام تنوعت الأغراض، وقد استعملها الرسول صلی الله علیه وآله وسلم فی الدعوة إلی الدین، وفی المناسبات الإسلامیة العامة، والدینیة الخاصة.

ولأهمیة الخطبة فقد جعلها الإسلام جزءاً من العبادة فی بعض الموارد وصبغها بصبغة الوجوب، کخطبة الجمعة، والعیدین، ولهذا أصبحت الخطبة فی الإٍسلام ممیزة، وازدهرت أکثر من الشعر وأصبح لها شأنٌ مهم فی مجالات العمل الإسلامی بل وسائر المجالات.

نعم إن الإسلام هذّب بعض الأعراف الجاهلیة ومنها مسألة التفاخر بالأنساب فجعلها تفاخراً باتباع الدین، وهذب الحماسة عما کان علیه فی الجاهلیة.

ویقول الخطیب المعاصر الشیخ جعفر الهلالی: «إن الإسلام أضاف إلی الأغراض الخطابیة التی کانت، أربعة أغراض أخری هی: التبلیغیة، والوعظیة، والتربویة، والسیاسیة» ولکن لا دلیل لهذه النسبة ولا للحصر فقد کانت موجودة أیضاً فی الجاهلیة إلا أنها کانت بأسلوب آخر کالخطب السیاسیة مثلاً، وهناک الخطب العلمیة التی مارسها الإسلامیون مما لم تکن علی أیام الجاهلیة، فالأفضل أن لا تحصر بأغراض معینة بل تذکر من باب المثال.

وسیأتی مزید من الکلام عند الحدیث عن الخطابة فی الإسلام وسائر الأدیان.

ص: 12

الخطابة ودورها الإعلامی

رغم أن الإعلام ظاهرة من ظواهر القرن الرابع عشر للهجرة (القرن العشرین للمیلاد) إلا أن جذوره ضاربة فی أعماق الماضی البعید وقد شهدت تلک العصور الغابرة أشکالاً مختلفة ومتباینة من أشکال الإعلام.

ففی العصور البدائیة استخدم الإعلام عبر الحکماء والمعلمین والمنبئین لاستتباب الوضع الداخلی فی کثیر من البلاد، وفی بدایة عصر التأریخ قام الملوک باستخدام الکهنة للتأثیر فی أتباعهم عن طریق تزویدهم بمعلومات وأنباء تحببهم فی نفوس الأتباع من جهة، وتساعدهم فی السیطرة علیهم من جهة أخری.

وکل الحضارات القدیمة استخدمت الإعلام کلاً بحسب طریقته وفهمه، فمنهم من کان یجسده عبر الاحتفالات، ومنهم من کان یحققه من خلال إقامة المبانی العملاقة کما هو الحال عند فراعنة مصر.

ولکن الذی یجلب الانتباه أن الیونانیین استخدموا فن الخطابة کوسیلة إعلامیة لاستقرار حکمهم، وفی هذا المجال یقول حاتم: «کان الإعلام فی العصر الیونانی یتمثل فی خطابة الخطباء السیاسیین وفی الملاحم التی تروی بطولات الحروب فی شعر حماسی کإلیاذة هومیروس».

ولدور الخطابة فی تکریس الإعلام وضع أفلاطون کتابه (الجمهوریة)، إذ أورد فیه ما ینبغی أو لا ینبغی قوله للشعب؛ صغیرهم وکبیرهم فی دولة مدینته الفاضلة بفرض السیطرة وضمانة ولاء الشعب للقیادة والنظام.

ص: 13

وهذا سقراط هو الآخر عمد إلی المغالطة فی النقاش والخطابة وکان غرضه الاستفادة من الخطابة کوسیلة إعلامیة یمکن أن یؤثر عبرها فی نفوس الجماهیر.

وجاء أرسطو فوضع کتابه (البلاغة) والذی فیما بعد عدّه من قبل أهل الفن دراسة للدعایة الکلامیة وأسلوباً فنیاً من أسالیب الدعایة،وقد کتب أحدهم عن کتابه هذا قائلاً: «إن أرسطو یعود بنا إلی الأرض من جدید فهو فی کتابه الخطابة یهیئ لنا أول کتاب عن نوع معین من الدعایة وتلک دعایة الاستهواء بطرق الکلام والخطابة وما زال هذا الکتاب یعد دراسة منهجیة للدعایة الکلامیة من ناحیتها الفنیة».

وقد اتخذ الرومانیون أسلوباً آخر للدعایة والإعلام وهو طریق التبشیر ولعلهم تعلموها من السید المسیح علیه السلام الذی کان یسیح فی الأرض بغرض التبشیر، وما التبشیر إلا نوع من أنواع الإعلام أو الدعایة ان صح التعبیر.

والعرب فی العصر الجاهلی کان لهم أبرز معالم الإعلام وقد تمثل فی سوق عکاظ، حیث کانت القبائل العربیة ترسل أبلغ شعرائها إعلاماً منها عن فصاحتها، وکان الفخر کله للقبیلة التی یفوز خطباؤها وشعراؤها بالقدح المعلی،وأعلی مراتب الفوز کان نیل نتاجهم الأدبی التعلیق فی الکعبة فی عداد المعلقات.

وأما فی الإسلام فالملاحظ أن الخطابة کادت أن تکون الوسیلة الإعلامیة الوحیدة فی عصورها کافة، فالخلفاء والحکام والملوک والسلاطین والأمراء والرؤساء کلهم استخدموا الخطابة وسیلة إعلامیة بارزة فی شتی الحقول.

ص: 14

فائدة الخَطابة

للخطابة أثر مهمّ وبنّاء فی حیاة الأُمم والشعوب، بل هی ضرورة اجتماعیة فی حیاة الناس العامّة، وفی قضایاهم المختلفة العقائدیّة والتربویّة والفکریة والاجتماعیّة والثقافیّة والاقتصادیّة والعسکریّة، فبالخطابة تُحلّ الخصومات، وتُفَضّ العداوات، وتُفصل المنازعات، وتُثار حمیّة الجماهیر للدفاع عن الکرامات، وحفظ الحُرُمات، ویُرغّب فی الخیرات، کبناء المدارس والمستشفیات، ویُحرّض علی اکتساب الفضائل والکمالات، واجتناب الرذائل والموبقات.

قال المحقّق الطوسی: «ویُنتفع بها (أی بالخطابة) فی تقریر المصالح الجزئیة المدنیّة، وأُصولها الکلّیة: کالعقائد الإلهیّة، والقوانین العملیّة».

وإضافة إلی هذا یمکن استخدام الخطابة للتثقیف والتوعیة والهدایة والإرشاد، کما فی الخطابة الحسینیة خاصّة، والخطابة الدینیة عامّة.

الغایة من الخطابة

بالعمل طبق تلک الإرادة هو عنوان للتوحید، والإعراض عنه هو عنوان للکفر والعصیان، فکل شیء له نسبة إلی الباری (عز وجل) یعظم ویمجد بوصفه عنواناً لتوحیده __ تعالی __.

والأمر کذلک فی الدعوة إلی سید الشهداء، فهو رمز للتوحید وکلمة الله لنسبته إلیه بإمامته المنصوص علیها فی قول النبی «هذا __ یعنی الحسین علیه السلام __ إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة».

ص: 15

أنواع الخطابة

للخطابة أنواع عدیدة:

1__ الخطب الدینیة، وهی ما تخص رجال الدین وقراء العزاء، کخطب الأعیاد ومجالس العزاء وغیرها.

2__ الخطب السیاسیة، ویلقیها رجال الدین والساسة وبعض القادة العسکریین.

3__ الخطب الجدلیة وتتضمن أیضاً المنافرات والمفاخرات.

4__ الخطب القضائیة، وتتضمن المرافعة والاتهام والدفاع وغالباً ما تکون من المحامین وبخاصّة فی عصرنا هذا.

5__ الخطب العلمیة والمناظرات.

6__ الخطب العسکریة، وهی التی یلقیها قادة الجیوش ورؤساء الأنظمة العسکریة.

7__ الخطب العامة، الخطب الاجتماعیة کالزواج، وغیرها.

أقسام الخطابة

اشارة

الخطابة تنقسم إلی قسمین هما: العمود والأعوان.

أ __ العمود

وهو مادة الخطابة التی تتألف منها الحجة الإقناعیة (أی حجة إقناع الآخرین) وسمی عموداً لأنه قوام الخطابة وأساسها.

ص: 16

ب __ الأعوان

وهی الأقوال والأفعال والعوامل المؤثرة والمعینة علی إقناع الآخرین وکما العمود من مقومات الخطابة فالأعوان کذلک، فبهما یستمد الخطیب فعالیته وتأثیره فی المستمعین.

موضوع الخَطابة

لیس للخطابة موضوع خاصّ تبحث عنه بمعزل عن غیره، بل یصحّ جعل کلّ معقول ومحسوس، وکلّ أمر عام أو له صلة بشأن عام، موضوعاً للخطابة. فموضوعها کلّ الأُمور الاجتماعیّة والسیاسیّة والاقتصادیّة والاعتقادیّة والأخلاقیّة والثقافیّة والعسکریّة والقضائیّة والدینیّة والتربویّة، وغیر ذلک من شؤون الدین والحیاة، بشرط تناول الموضوع بأسلوب خطابی، أو علمی وخطابی، لا أُسلوب علمی بحت.

نعم، یجوز للخطیب أن یجعل موضوعه تاریخ حیاة شخصیة مرموقة؛ تکریماً له، ولیتأسّی به المستمعون، ولیستوحوا من حیاته ومواقفه وصفاته الکریمة دروس الحیاة والکرامة، کالتحدّث مثلاً عن حیاة الأنبیاء والأوصیاء والأولیاء والعلماء والمجاهدین، وذکر أخلاقهم وجهادهم وعلومهم وسائر صفاتهم الحمیدة.

کما یجوز للخطیب أن یجعل موضوعه تاریخ حیاة بعض کبار الکفر والظلم والنفاق، ویذکر مواقفهم السیّئة، وصراعهم مع الحق، وإیذاءهم للمؤمنین، کفرعون ونمرود وأبی جهل والحجّاج وزیاد وغیرهم، ویذکر انتقام الله تعالی منهم.

ص: 17

أرکان الخطابة

اشارة

للخطابة ثلاثة أرکان: الخَطیب __ الخِطاب __ المُخَاطب.

1 __ الخطیب

هو الذی یظهر للناس ما یحمله من آراء ویُحاول إقناعهم بها بشتی الوسائل الممکنة.

2 __ الخِطاب

وهو النص الذی یُلقیه الخطیب علی الناس وغالباً ما یکون معداً مسبقاً ومُقَولباً علی وفق أفکاره.

3 __ المخاطب

وهو ثلاثة أجزاء:

أ __ المخاطب: وهو الموجه إلیه الخطاب، إما الجمهور أو الخصم فی الحوار.

ب __ الحاکم: وهو الذی یحکم للخطیب أو یحکم علیه لأهلیته فی ذلک.

ت __ النظارة: وهم المستمعون الذین لیس لهم شأن سوی تقویة الخطیب أو توهینه، کالهتافات والتصفیق، وغالباً ما یصدر عن الشعوب وبالأخص العربیة منها.

ص: 18

علاقة الخطابة بعلم النفس

تعلم أن علوم العربیة والمنطق، والإحاطة بمسائل الفقه، والعقائد وامتلاک بعض المؤهلات لا تجدی نفعاً إذا لم یحسن الخطیب أسالیب التعامل مع الفرد والمجتمع، فإنّ غرض الخطیب منهم، هو أن یؤسس فیهم موطن الولاء للدین والمذهب، وهذا لا یأتی من مجموعة تصرفات شخصیة وارتجالیة، وإنما یحتاج إلی خطوات علمیة دقیقة نابعة من منهج مخطط له سلفاً.

فالخطیب وهو مقبل علی المجتمع یواجه أشکالاً وأنماطاً متعددة من السلوک والآراء التی قد تخالف فی البعض منها ما یحمله الخطیب من معتقدات ومبادئ سلوکیة، فالخطیب یجب أن یعد ویهیأ لمواجهة جمیع ذلک.

علم النفس الاجتماعی یزود الخطیب __ من جهته __ بقواعد مهمة یمکنه منها تحلیل سلوک الفرد وهو فی المجتمع،فإن سلوکه وهو مندمج مع مجتمعه غیر سلوکه وهو منفرد مع ذاته، کما انه یقوم بدراسة السلوک الجماعی.

فدراسة فروع علم النفس، وبخاصة علم النفس الاجتماعی أمر لابد منه، لا یمکن للخطیب أن یستغنی عنه، کیف یستغنی عنه وهو الذی لا یستغنی عنه کل من کان له وظیفة مباشرة مع المجتمع، کالسیاسی والمفکر والعسکری.

ص: 19

کیف نحصّل علی الخطابة؟

اشارة

لم تکن الخطابة سهلة المنال،بل تحتاج إلی احتمال المشاق، والی الجد والسعی الحثیث والمثابرة، وبهذا یمکن بلوغ هذه النعمة العظیمة. أما طرق تحصیلها فتلخص فی:

أ __ قابلیة تلائم الخطابة

«ان یکون الخطیب خالیاً من العیوب الکلامیة، من فأفأة ونحوها وان یکون ثابت الجنان، ذکی القلب، طلق اللسان، فإذا اجتمعت فیه القابلیة فلا یحتاج إلاّ إلی التعلم والممارسة».

ب __ دراسة أصول الخطابة

للخطابة الحسینیة أصول وقواعد یجب علی الذی یسیر فی طریقها أن یتعرف علیها لیصل إلی غایته العظیمة. وقیل «من ترک الأصول حرم الوصول».

ج __ الاطلاع علی الکثیر من العلوم

ویتلخص ذلک فی جهتین:

الأولی: أن یکون الخطیب من طلبة العلوم الإسلامیة، الذین یتلقون العلوم __ علوم أهل البیت « علیهم السلام » __ فی المدارس والحوزات الرسمیة. ولاستقطاب قدراته وقابلیاته، ولحفظ وقته وصیانته ان یتلقی الدروس من أساتذة یعدون من أهل الاختصاص،فالخطیب علیه ان یواصل دراسته الحوزویة وأن یتقن علی نحو الاختصاص الفقه والعقائد.

ص: 20

الثانیة: أن یوسع الخطیب دائرة ثقافته، واطلاعه علی العلوم المختلفة کالتعرف علی بعض أساسیات العلوم الطبیعیة، وعلم النفس، والاجتماع، والتعرف علی الفرق والمذاهب الإسلامیة والتاریخ الإسلامی، والتعرف أیضاً علی بعض الحضارات العالمیة، وان یتابع الأحداث العالمیة، کما علیه متابعة التطورات العلمیة فی مختلف العلوم.

ص: 21

المواصفات والمؤهّلات الذاتیّة للخطیب

اشارة

ص: 22

ص: 23

وأهم المؤهّلات الذاتیة للخطیب هی:

1 __ سلامة اللسان

إن اللسان أداة التخاطب والتفاهم، ووسیلةٌ لإیصال ما فی النفس والقلب والفکر إلی الآخرین. قال الشاعر:

إنّ الکلامَ لفی الفؤاد وإنّما***جُعلَ اللسانُ علی الفؤاد دلیلا

قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «مَغْرَسُ الکلام: القلب، ومستودعه: الفکر، ومقوّیه: العقل، ومُبدیه: اللسان، وجسمه: الحروف، وروحه: المعنی، وحِلْیَته: الإعراب، ونظامه: الصواب».

وقال أیضاً: «اللسان تُرْجُمان الجَنان».

وقال أیضاً: «الألسن تُترجم عمّا تَجُنّه الضمائر».

واللسان أداة الخطیب وسلاحه ووسیلته، ولا بدّ من أن تکون هذه الأداة والوسیلة سلیمةً وقویّةً وفعّالةً، کی یصول بها الخطیب فی میدان المقال، کما یصول المقاتل بسلاحه فی میدان القتال.

وبعبارة أُخری: یحتاج الخطیب إلی لسان فصیح، ومقدرة علی إخراج الحروف من مخارجها بصورة صحیحة، وبیُسر وطلاقة.

فلسان الخطیب یجب أن یکون سالماً من العیوب، وبیانه خالیاً من الخلل، أی إنّ الخطیب یجب أن لا یکون: فأفاءً، ولا تأتاءً، ولا ألثَغ، ولا ألکن، ولا أعجم، ولا أحکل.

ص: 24

فالتأتاء: هو الذی یصعب علیه النطق بحرف التاء فیردّده عدّة مرات عند النطق به، فعندما یرید أن یقول: تعالَ مثلاً، یقول: تَتَتَتَعال.

والفأفاء: هو الذی یصعب علیه التلفّظ بحرف الفاء فیکرّره عند النطق به، فمثلاً إذا أراد أن یقول فَعَلَ یقول:فَفَفَفَعل.

والألثغ: هو الذی یتعذّر علیه النطق بحرفٍ فیبدله إلی آخر، والحروف التی تدخلها اللثغة، أربعة:القاف، والسین، واللام، والراء.

فالألثغ بالقاف إذا أراد أن ینطق بحرف القاف أبدله طاء فیقول بدل قُلت: طُلت، وبدل عاقل: عاطل.

والألثغ بالسین إذا أراد أن ینطق بحرف السین أبدله ثاءً فیقول بدل بسم الله: بثم الله، وبدل حَسَن: حَثَن.

وأمّا الألثغ باللام فإذا أراد أن یتلفّظ حرف اللام أبدله یاءً فیقول بدل جَمَل:جَمَی، وبدل عادل: عادی، وبدل مولای: مویای.

وأمّا الألثغ بالراء فهو أنواع، فبعضهم یبدل حرف الراء یاءً، فإذا أراد أن یقول: رَعْد، قال: یَعْد.

ومنهم من یبدل حرف الراء غیناً، فإذا أراد أن یقول: بررة، قال: بغغة.

وبعضهم یبدل حرف الراء ظاءً، فإذا أراد أن یقول: عَرَب، یقول: عَظَب.

ومنهم من یبدل حرف الراء ذالاً، فإذا أراد أن یقول: مَرّةً، یقول: مذّةً.

ص: 25

2 __ حُسن البیان وطلاقة اللسان

إنّ الخطیب یحتاج إلی حُسن البیان، إضافةً إلی سلامة لسانه من العیوب التی ذکرناها، أی أن یتلفّظ الکلمات بصورة حسنة جمیلة وبقوّة وحرارة، ولا یکون فی لفظه برودة، بحیث تموت الکلمات علی شفتیه. کما یجب أن یکون طلق اللسان، أی متمکّناً من التسلسل والاسترسال فی الکلام، فلا یتوقّف أو یتأتّئ کثیراً؛ أی لا تکون فیه حُبسة، ولا عُقلة، ولا تَمتمة، ولا لَجلجة، ولا لَفف.

الحُبسَة: أی تعذّر الکلام عند إرادته.

والعُقلة: أی التواء اللسان عند إرادة الکلام.

والتَمتَمة: هی التعجیل فی الکلام فلا یُفهم السامع. والتمتام: هو الذی یعجّل بکلامه فلا یکاد یُفهمک. واللَجلَجة: أی التردّد فی الکلام.

واللَفَف: وهو إدخال الرجل بعض کلامه فی بعض.

وقال ابن منظور: اللَفَف فی الکلام ثِقلٌ وعَیٌّ مع ضَعف. ورجلٌ (ألَفّ) بَیّن اللَفَف أی عَییٌّ بطیء الکلام، إذا تکلّم ملأ لسانُه فمَه.

إنّ هذه العیوب تمنع الخطیب عن الاسترسال فی الخطبة، فلا یکون بیانه حسناً ولا لسانه طَلِقاً. ولهذه العیوب أسباب: بعضها حالات مَرَضیّة بسبب الأمراض القلبیّة أو الرئویّة، أو ضیق النفس، فیُصاب المتکلّم بالبهر، وانقطاع النَفَس؛ وبعضها بسبب التعب الذهنی، أوتشتّت الأفکار، أو التهیّب من المجلس أو من بعض الحاضرین. وأکثرها یمکن التغلّب علیها بالمعالجة الطبّیة أو النفسیّة، والتمرین وممارسة الکلام.

ص: 26

3 __ حُسن الصوت

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم :«إنّ من أجمل الجمال:الشَعر الحَسن،ونَغمة الصوت الحسن».

وقال الإمام الصادق علیه السلام : «ما بَعَثَ اللهُ عزّ وجلّ نبیّاً إلاّ حَسَنَ الصوت».

ذَکَر ابن الأثیر فی کتاب النهایة، حدیث مالک بن دینار: «بلغنا أنّ الله تبارک وتعالی یقول لداود یوم القیامة: یا داود مجِّدنی الیوم بذلک الصوت الحسن الرخیم».

فقال موضّحاً معنی الصوت الحسن الرخیم: «هو الرقیق الشجیّ الطیّب النَغمة».

إنّ المرء لیشعر باللذّة والارتیاح عندما یسمع الصوت الحسن الرخیم، ویستثقل الصوت الخشن، أو ذا الرنّة المزعجة، أو الّذی یخرج من الأنف، أو کأنّه یخرج من بئر أو جرّة فارغة؛ ولذا ورد التأکید علی اختیار ذوی الأصوات الحسنة فی الأذان وقراءة القرآن، وکذلک الأمر فی الدعاء.

فالخطیب الحسینی یحتاج إلی صوت جمیل أو مقبول علی الأقل، ورخیم أی فیه رقّة ومرونة، لیساعده علی قراءة الأشعار، والأطوار المختلفة فی المدح والرثاء.

قال شیخنا المظفر قدس سره :« حُسن الصوت وحُسن الإلقاء، والتمکّن من التصرّف بنبرات الصوت وتغییره حسب الحاجة من أهم ما یتمیّز به الخطیب الناجح. وذلک فی أصله موهبة ربّانیّة یختصّ بها بعض البشر من غیر کسب، غیر أنّها تقوی وتنمو بالتمرین والتعلّم کجمیع المواهب

ص: 27

الشخصیّة. ولیس هناک قواعد عامّة مدوّنة یمکن بها ضبط تغییرات الصوت ونبراته حسب الحاجة، وإنّما معرفة ذلک تتبع نباهة الخطیب فی اختیاره للتغیّرات الصوتیّة المناسبة التی یجدها بالتجربة والتمرین مؤثّرة فی المستمعین؛ ولأجل هذا یظهر لنا کیف یفشل بعض الخطباء؛ لأنّه یحاول المسکین تقلید خطیب ناجح فی لهجته وإلقائه، فیبدو نابیاً سخیفاً؛ إذ یظهر بمظهر المتصنّع الفاشل. والسِرّ أنّ هذا أمرٌ یُدرک بالغریزة والتجربة قبل أن یُدرَک بالتقلید للغیر».

وممّا تجدر الإشارة إلیه هنا: أنّ الصوت إضافة إلی حُسنه ینبغی له أن یدوم ویستمر مع المحاضرة والخطبة إلی النهایة، إذ ربّما یکون الصوت حَسناً ولکنّه یتقطّع فی أواخر الخطبة، أو یُصاب الخطیب بالبهر، أو التوقّف بسبب تعب الأوتار الصوتیّة أو التهابها، أو ضیق التنفّس، أو غیر ذلک من الأسباب.

4 __ حُسن الصورة والمنظر

إنّ الخطیب یواجه المستمعین، وهو محطّ أنظارهم، وعیونهم منشدّة إلیه، فإذا کانت فیه عاهةٌ ظاهرة فی وجهه، کاعوجاج الفم، أو بروز الأسنان کثیراً، أو جحوظ العینین، فإنّ المستمعین لا یرتاحون إلیه.

وکذلک إذا کانت یده أو بعض أصابعه غیر طبیعیّة، فعلیه أن لا یظهر ذلک العضو أمام المستمعین مهما أمکن، سمعت الأُستاذ الفلسفی یقول:

«شکا إلیّ بعض الخطباء قلّة التوفیق، وطلب منّی أن یصعد المنبر ویقرأ مجلساً بحضوری حتی أری نقطة الضعف فیه، قال الشیخ الفلسفی: فقرأ

ص: 28

مجلساً ولمّا نزل قلت له: إنّ خُطبتک جیّدة من الناحیة العلمیّة والفنّیة، ولکنّ إصبَعک السبابة طویلة جداً فعندما تؤشّر بها تتداعی للناظرین خیارة طویلة أو ما شابهها، فیقلّ توجههم إلیک وینشغل ذهنهم عنک، فحاوِلْ أن تُخفی إصبعک عن المستمعین مهما أمکن عند القراءة».

أمّا إذا کان الخطیب وسیماً، أو علی الأقل معتدل الشکل ومقبول المنظر، فإنّ هذا له تأثیر کبیر فی انشداد الناس إلیه، والتوجّه نحوه؛ ولهذا اختار الله تعالی أنبیاءه من ذوی الوجوه الحسنة، والمنظر الجمیل، ومن المنزّهین عن کلّ عاهة توجب نفرة الناس منهم.

5 __ قوّة الحافظة

یحتاج الخطیب إلی حفظ نصوص کثیرة من آیات بیّنات، وأحادیث وروایات، وخُطب ورسائل وکلمات حکمیّة، وقصائد،وقطع شعریّة، وحوادث ووقائع وأخبار.

فمن الضروری أن تکون حافظته قویّة، وذاکرته أمینة زاخرة بالمعلومات والشواهد، کی تعینه عند الحاجة. ولا یُستساغ للخطیب أن یصعد المنبر فیقول: قال الله ما معناه، أو یُلقی محاضرة دون أن یذکر فیها نصوصاً، ومکتفیاً بالکلام الارتجالی أو الحدیث الإرسالی، فإنّ النصّ فی الخطبة کالدرّة فی العِقد، أو الحجر الکریم فی الخاتَم.

ویمکن تقویة الحافظة بالتمرین، والممارسة، والترکیز، والتکرار.

ویختلف الناس فی طریقة الحفظ. ولا ننسی أنّ الشباب، وفراغ البال، عاملان مساعدان علی الحفظ السریع.

ص: 29

6 __ قوّة القلب والجرأة

إنّ الخطیب مهما کان عالماً وفنّاناً، إذا لم یکن قویّ القلب وجریئاً ورابط الجأش، لا یستطیع أن یخطب بنجاح.

إنّ الجرأة تساعد الخطیب علی تذکّر ما أعدّه للخطبة، وتعینه علی الاسترسال فی الکلام.

أمّا الخجل، وضعف القلب وقلّة الجرأة، فهی من الأسباب الموجبة لفشل الخطیب، ونسیان ما حفظه وأعدّه للخطبة.

قال أمیر المؤمنین علیه السلام :« بَیانُ الرجل یُنبئ عن قوة جَنانه».

وبالمناسبة، حدّثنی أحد أصدقائی العلماء رحمه الله ، قال: «حدّثنی أُستاذی... قال: لمّا کنتُ طالباً فی الحوزة النجفیّة أیّام شبابی، اتّفقتُ مع طالبَین مِن زملائی أن نعقد مجلساً فی لیالی الخمیس فی حجرة المدرسة، للتمرّن علی الخطابة، فأعدّ کلّ واحد منّا موضوعاً لیلقیه فی المجلس، فلمّا صارت لیلة الخمیس صعد أحدنا المنبر، والمستمعون أنا وصاحبی، فکلّما أراد أن یتکلّم لم یستطع؛ إذ سیطرت علیه هیبة المجلس والمنبر، وأُصیب بحالة غیر طبیعیّة بحیث لم یستطع أن ینزل من المنبر، فقمنا إلیه وأخذنا بیدیه وأنزلناه.

قال: فقمت أنا وکنت قد أعددت خطبة للإمام علی علیه السلام حفظتُها جیّداً، فلمّا ارتقیت المنبر نسیت الخطبة من أوّلها إلی آخرها، ولم أتذکّر منها حتی جملة واحدة، فترکت المنبر ونزلت. ثم صعد ثالثنا وکان جریئاً فتحدّث بطلاقة، وصار بعد ذلک من کبار الخطباء».

ص: 30

نستفید من هذه القصّة أنّ فقدان الجرأة یُسبّب نسیان المعلومات، ومن ثمّ فشل الخطیب فی عمله. وأمّا الجرأة فتعطی الخطیب قوّة وإقداماً علی أداء خطبته. وأسباب قلّة الجرأة أو فقدانها: الحیاء الزائد أو الخجل، أو الخوف من عدم النجاح، أو من هیبة المجلس، أو هیبة بعض الحاضرین، وهذه الأُمور توجب الإخفاق فی العمل الخطابی. ویمکن معالجتها باقتحام الموقف وعدم الاکتراث،قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «إذا هِبْتَ أمراً فقع فیه، فإنَّ شدّة توقّیه أعظم مما تخاف منه».

7__ العقل والفطنة والذکاء والذوق السلیم

تستلزم الخطابة الحسینیّة الحدیث عن مواضیع متنوّعة، وأُمور مختلفة: اجتماعیّة، وعقائدیّة، وسیاسیّة، وتاریخیّة، واقتصادیّة، وتربویّة، وغیر ذلک.

والمجالس الحسینیّة یحضرها أصحاب الثقافات العالیة، والناس المتوسطون، والناس العادیون، فهذا عالِم، وذاک مثقّف، وهذا متوسط الثقافة، وذاک أُمّی. والمستمعون یختلفون فی أهوائهم،ومیولهم، ونوازعهم، خصوصاً فی زماننا الذی کثرت فیه الاّتجاهات الفکریّة، والعقائدیّة، والسیاسیّة، والاجتماعیّة.

والخطیب قد یواجه أحیاناً ظروفاً صعبة، ومواقف محرجة من السلطة، أو المستمعین، أو أصحاب المجالس، أو غیرهم، فمن الضروری أن یکون الخطیب علی درجة من العقل والفطنة والذکاء والوعی، فیتدبّر الأُمور، یتصرّف تصرّف الحکیم الحاذق،فینتخب الموضوع أو البحث المناسب للزمان والمکان، والنافع للمستمعین، والملائم للظروف والأحوال، فیعرف ماذا یقول، وکیف یقول، ومتی یقول.

ص: 31

قال الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام : «کلامُ الرجل میزانُ عقله».

وقال أیضاً:«یُنبئُ عن عقل کلّ امرئ لسانُه، ویدلّ علی فضله بَیانه».

«حُکی أنّ البادیة قحطت فی أیّام هشام بن عبد الملک الأُموی، فقدمت علیه العرب، فهابوا أن یُکلّموه، وکان فیهم درواس بن حبیب وهو ابن ست عشرة سَنَة، له ذؤابة، وعلیه شملتان، فوقعَتْ علیه عین هشام، فقال لحاجبه: ما شاء أحدٌ یَدخُلَ علیّ إلاّ دَخَل حتی الصبیان! فوثب درواس حتی وقف بین یدیه مطرقاً وقال: یا أمیر المؤمنین، إنّ للکلام نشراً وطیّاً، وإنّه لا یُعرف ما فی طیّه إلاّ بنشره، فإن أذن لی أمیر المؤمنین أن أنشره نشرته، فأعجبه کلامه، وقال له: أنشره لله درّک، فقال: یا أمیر المؤمنین، إنّه أصابتنا سنون ثلاث: سنة أذابت الشحم، وسنة أکلت اللحم، وسنة دقّت العظم، وفی أیدیکم فضول مال، فإن کانت لله ففرّقوها علی عباده، وإن کانت لهم، فعلامَ تحبسونها عنهم؟ وإن کانت لکم، فتصدّقوا بها علیهم، فإنّ الله یجزی المتصدّقین، فقال هشام: ماترک الغلام لنا فی واحدة من الثلاث عذراً، فأمر للبوادی بمائة ألف دینار، وله بمائة ألف درهم، ثم قال له: ألک حاجة؟ قال: مالی حاجة فی خاصّة نفسی دون عامّة المسلمین. فخرج من عنده وهو أجلّ القوم».

استطاع هذا الشاب العاقل الذکی أن یتصرّف تصرّفاً سلیماً، ویتکلّم کلاماً مناسباً، فأدرک بُغیته، واستحصل غایته. وهکذا کلّ خطیب عاقل فطن ذکی یُقدِّر الظروف والمناسبات، فیضع الأشیاء مواضعها.

ص: 32

8 __ سلامة الجسم وقوّته

التکلّم بصورة متواصلة وبقوّة وحرارة یتطلّب صرف طاقات جسمیّة وفکریّة کبیرة، والخطیب یبذل جُهداً فکریّاً وجسمیّاً کثیراً فی أثناء إلقائه الخطبة.

أمّا الجهد الفکری: فلأنّه یتذکّر باستمرار وبصورة سریعة ما أعدّه من مواد وأجزاء للخطبة، من نصوص وشواهد وأدلّة قرآنیّة وحدیثیّة وأدبیّة وتاریخیّة وغیر ذلک، ویوردها بصورة منظّمة ومتسلسلة وبدون توقّف وتریّث، مع مراعاة الناحیة الفنّیة والتأثیر والإقناع، وأخیراً، تهییج العواطف واسترقاق القلوب واستدرار الدموع، فهو فی الواقع فی امتحان شفهیٍّ عسیر.

وأمّا الجهد الجسمی: فلأنّه عندما یتحدّث بصورة متواصلة وبقوّة یکون جسمه کلّه فی حالة تعبئةٍ عامّة؛ ولذا تتضاعف دقّات قلبه، ویُسرع دوران الدم فی جسمه، فترتفع حرارة بدنه فیتصبّب عرقاً، ویشعر بتعبٍ شدید.

9__ موهبة الخطابة

قسّم الله تعالی مواهب واستعدادات مختلفة بین خلقه، فهذا أعطاه موهبة التجارة، وذاک أعطاه موهبة الطبّ وهکذا. والإنسان إذا عرف موهبته ونمّاها، وربّاها، ومارسها نجح فی حیاته، ووُفِّق فی عمله.

والخطابة من جملة المواهب التی یهبها الله تعالی لبعض عباده، فمن الضروری لمن یرید أن یمارس الخطابة أن یکون مزوّداً بهذه الموهبة إضافة إلی المؤهّلات الذاتیّة الأُخری.

ص: 33

فعلی هذا الأساس لابدّ للخطیب من أن یکون مؤهّلاً علمیّاً لیؤدّی رسالته کاملةً وافیة. فبالدرجة الأُولی علیه أن یُتقن العلوم الإسلامیّة وبالأخصّ الدروس الحوزویّة، مع مقدّماتها مثل: قواعد اللغة العربیة والمنطق، ثم یستزید من العلوم الحدیثة.

العلوم الإسلامیّة

1__ قواعد اللغة العربیّة

أی علم النحو والصرف، فإنَّ مراعاة قواعد اللغة العربیة تصون اللسان من الخطأ، وهی للخطیب کالسلاح للمقاتل.ثم من دونها لا یمکن فهم النصوص القرآنیّة والحدیثیّة والخبریّة.

قال الکسائی (الأدیب النحوی): «اجتمعت أنا وأبو یوسف القاضی (الفقیه) عند هارون الرشید، فجعل أبو یوسف یذمّ النحو ویقول: وما النحو؟ فقلتُ، وأردتُ أن أُعلِمه فضل النحو: ما تقول فی رجل قال لرجل: أنا قاتِلُ غلامِک؟ وقال له آخر: أنا قاتلٌ غلامَک؟ أیّهما کنتَ تأخذُ به؟ قال أبو یوسف: آخذهما جمیعاً، فقال له هارون:أخطأتَ، وکان له علمٌ بالعربیة، فاستحیا أبو یوسف وقال:کیف ذلک؟قال الذی یؤخذ بقتل الغلام هو الذی قال: أنا قاتلُ غلامِک __ بالإضافة __ لأنّه فِعْلُ ماضٍ، وأمّا الذی قال: أنا قاتلٌ غلامَک __ بالنصب __ فلا یؤخذ؛ لأنّه مستقبل لم یکن بعد، کما قال الله عز وجل: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَیْءٍ إِنِّی فَاعِلٌ ذَلِکَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ) فلولا أنّ التنوین مستقبل ما جاز فیه (غداً). فکان أبو یوسف بعد ذلک یمدح العربیّة والنحو».

ص: 34

وکُتب العربیة کثیرة، والتی تُدرّس فی الحوزات العربیة عادة هی:

(الآجرّومیّة) لمحمد بن محمد بن داود الصنهاجی.

(قطر الندی وبلّ الصدی) لابن هشام عبد الله بن یوسف بن أحمد.

(ألفیة أبن مالک) أُرجوزة فی النحو نظمها محمّد بن عبد الله بن مالک الطائی.

(شرح ألفیّة ابن مالک) لابن الناظم.

(شرح ألفیّة ابن مالک) المعروف بشرح ابن عقیل، للقاضی بهاء الدین عبد الله بن عقیل العقیلی الهمدانی.

(مغنی اللبیب عن کتب الأعاریب) لابن هشام.

(دراسات فی قواعدالعربیة) للشیخ عبد المهدی مطر.

2__ المنطق

عرّفوا علم المنطق بأنّه« آلة قانونیة تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ فی التفکیر»، فهو علمُ منهج الاستدلال العلمی والعقلی الصحیح الذی ترتکز علیه جمیع العلوم الإسلامیّة.

إنّ کُتب المنطق المعروفة هی:

(الحاشیة) لملاّ عبد الله شهاب الدین حسین الیزدی.

(تحریر القواعد المنطقیة فی شرح الرسالة الشمسیّة) لقطب الدین محمد الرازی.

(المنطق) للشیخ محمد رضا المظفر.

(خلاصة المنطق) للدکتور عبد الهادی الفضلی.

ص: 35

3__ الفقه

کلّ عمل یعمله المسلم یشمله أحد العناوین التالیة: الوجوب، الحرمة، الاستحباب، الکراهیة، الإباحة.

فاللازم للخطیب أن یدرس دورة فقه کاملة حتی یعرف أحکام الإسلام؛ لأنّه یتطرّق عادةً فی أثناء خطبته إلی أحکام الشریعة ویدعو إلی تطبیقها، فلابدّ أن یکون عارفاً عالماً بأحکام الله حتّی یتحدّث عنها ویدعو إلیها.

إنّ علم الفقه هو: علم الأحکام الشرعیة أو الوظائف العلمیّة، وبعبارة أُخری: علم الحلال والحرام.

قال الإمام محمّد الباقر علیه السلام : «سارعوا فی طلب العلم، فو الذی نفسی بیده لَحدیثٌ واحد فی حلال وحرام تأخذه عن صادقٍ خیر من الدنیا وما حملت من ذهب وفضّة، وذلک أنّ الله تعالی یقول: (وَمَا آَتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).

وفی روایة محمّد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: «تفقّهوا فی الحلال والحرام وإلاّ فأنتم أعراب».

وعن جابر (الجعفی) عن أبی جعفر علیه السلام قال: قال لی: «یا جابر، والله لَحدیثٌ تصیبه من صادق فی حلال وحرام، خیر لک ممّا طلعت علیه الشمس حتّی تغرب».

وقال الإمام الصادق علیه السلام :« حدیث فی حلال وحرام تأخذه من صادق خیر من الدنیا وما فیها من ذهب أو فضّة».

ص: 36

والکتب الفقهیة کثیرة وأشهرها فی الحوزة هی:

(تبصرة المتعلّمِین) و(المختصر النافع فی فقه الإمامیّة) و(شرائع الإسلام فی مسائل الحلال والحرام) للمحقّق الحلّی نجم الدین جعفر بن الحسن.

(اللمعة الدمشقیة) للشهید الأوّل الشیخ محمد بن جمال الدین مکّی العاملی الجزّینی.

(الروضة البهیّة فی شرح اللمعة الدمشقیة) للشیخ زین الدین الجبعی العاملی.

(المکاسب المحرّمة) للشیخ مرتضی الأنصاری.

ولکتاب المکاسب المحرّمة شروح کثیرة.

(القواعد العامّة فی الفقه المقارن) للسید محمّد تقی الحکیم.

(دروس فی الفقه المقارن) للشیخ محمّد إبراهیم الجنّاتی.

4 __ أُصول الفقه

لا یمکن معرفة الفقه الإسلامی إلاّ بدراسة أُصوله، والبحوث التی یتطرّق إلیها علم أُصول الفقه تنفع الفقیه وتنفع غیره من طلاب المعرفة، لأنّه یفتح آفاقاً کثیرة علی فکر الإنسان وعقله، وهو بمنزلة مفتاح لکنوز الفقه والمعرفة.

وعلم الأُصول هو الأساس الذی تبتنی علیه قضایا العلوم الإسلامیّة من تفسیر وحدیث وفقه وسیاسة واقتصاد وما إلی ذلک.

ص: 37

وبعبارة أُخری هو علم منهج الاستدلال علی مقاصد الکتاب والسنّة، فهو یشابه علم المنطق من ناحیة الاستدلال، ولکنّ الفارق بینهما أنّ علم المنطق منهج للاستدلال العام والتفکیر مطلقاً، وعلم الأُصول منهج لعملیّة التفکیر الفقهی فی استنباط الأحکام. فالواجب علی الخطیب أن یدرس دورة أُصول. إنّ کتب الأُصول کثیرة والمعروف منها فی الدراسات الحوزویة:

(معالم الدین فی الأُصول) المعروف ب_(معالم الأُصول) للشیخ حسن ابن الشهید الثانی.

(قوانین الأُصول) للمیرزا أبی القاسم الجیلانی.

(فوائد الأُصول) أو (الرسائل) للشیخ مرتضی الأنصاری.

(کفایة الأُصول) للشیخ محمد کاظم الخراسانی المعروف بالآخوند.

ولکتاب کفایة الأُصول شروح کثیرة.

(أُصول الفقه) للشیخ محمد رضا المظفر.

(المعالم الجدیدة فی الأُصول) و(دروس فی علم الأُصول) للسیّد الشهید محمد باقر الصدر.

(الحلقة الثالثة فی أُسلوبها الثانی) للشیخ باقر الإیروانی.

(الأُصول العامّة للفقه المقارن) للسید محمد تقی الحکیم.

ص: 38

5 __ الحدیث أو (درایة الحدیث)

لمعرفة کتاب الله والسنّة النبویّة الشریفة والعقائد والأخلاقیّات لابّد من مراجعة الأحادیث والروایات الواردة فیها، فمعرفة أُصول الحدیث ضروریّة؛ لأنّ الحدیث فیه: المطلق والمقیّد، والعام والخاص، والصحیح والحَسن والموثّق والضعیف والمرسل، وغیر ذلک.

فمن کتب الحدیث المعروفة:

(الدرایة) للشهید الثانی زین الدین الجبعی العاملی.

(ضیاء الدرایة) للسید ضیاء الدین العلاّمة.

(أُصول الحدیث وأحکامه فی علم الدرایة) للشیخ جعفر السبحانی.

إنّ معرفة نوع الحدیث والروایة لیس خاصّاً بالسنّة النبویة والأحکام الشرعیة، بل هو عامّ فی کلّ المعارف الإسلامیّة، حتّی العقائد والتفسیر والتاریخ وقصص الأنبیاء.

6__ الرجال

أی معرفة رجال الحدیث أو سند الحدیث. وهذا العلم یشترک مع علم الحدیث والدرایة؛ لأنّ علم الحدیث یدرس رجال السند ومتن الحدیث، أمّا علم الرجال فیدرس الرجال فقط: طبقاتهم، ووثاقتهم. وفی الحقیقة أنّ علم الرجال مقدّمة لعلم الحدیث، والاطّلاع علی هذا العلم یساعد کثیراً فی معرفة الأخبار الصحیحة من غیرها.

ص: 39

وکتب الرجال کثیرة، منها:

(کتاب الفهرست) و(رجال الطوسی) للشیخ الطوسی محمد بن الحسن ابن علی.

(رجال الکشی) أو(معرفة الرجال) للشیخ محمد بن عمر بن عبد العزیز الکشی.

(اختیار معرفة الرجال) المعروف برجال الکشّی للشیخ الطوسی.

(رجال النجاشی) للشیخ أحمد بن علی بن العباس النجاشی.

(رجال العلاّمة الحلّی) للشیخ حسن بن یوسف بن علی بن المطهّر الحلّی.

(رجال السید بحر العلوم) للسید محمد مهدی بحر العلوم.

(أمل الآمل) للشیخ محمد بن الحسن الحر العاملی.

(تنقیح المقال فی علم الرجال) للشیخ عبد الله المامقانی.

(معجم رجال الحدیث وتفصیل طبقات الرواة) للسید أبی القاسم الخوئی.

(قاموس الرجال) للشیخ محمد تقی التستری.

(فی القواعد الرجالیّة) للشیخ باقر الإیروانی.

(بحوث فی مبانی علم الرجال) للشیخ محمد سند.

ص: 40

7__ العلوم القرآنیّة

إنّ أساس الإسلام ودستوره هو القرآن الکریم، وهو المعجزة الخالدة لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم . قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «إنّ القرآن ظاهرُهُ أنیقٌ وباطنه عمیق، لا تفنی عجائبه ولا تَنقضی غرائبه، ولا تُکشف الظلمات إلاّ به».

فتجب معرفة علوم القرآن للاستعانة بها فی أداء رسالة الخطابة.

والعلوم القرآنیّة کثیرة، والضروری منها:

أ __ القراءة الصحیحة حسب أُصول التجوید: أی مراعاة الحروف الشمسیّة والقمریّة، والإدغام، والمَد، والقطع، والوصل، والوقف، وغیر ذلک.

ب __ معرفة أسباب النزول: تُذکر أحیاناً لنزول بعض الآیات أسباب، فبعضها من المصداق، وبعضها من الجری، وبعضها من البطن، وهکذا.

ج __ معرفة نوع الآیة: فإنّ القرآن الکریم یحتوی علی آیات: عقائدیّة، وأخلاقیّة، وتاریخیّة، وتربویّة، وآیات الأحکام، وغیر ذلک.

ثم إنّ هناک آیات مطلقة ومقیّدة، وعامّة وخاصّة، وناسخة ومنسوخة، ومحکمة ومتشابهة، ومجملة ومبیّنة، لابدّ من معرفتها.

د __ معرفة التفسیر والتأویل: هناک آیات یؤخذ بمعناها الظاهری أی تُفسّر بحسب المعنی اللغوی، مثل قوله تعالی: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).

وهناک آیات لا یتّفق معناها الظاهری مع العدالة والعقیدة الحقّة، فلابدّ من تأویلها تأویلاً مناسباً کقوله تعالی: (وَمَنْ کَانَ فِی هَذِهِ أَعْمَی فَهُوَ فِی الْآَخِرَةِ أَعْمَی).

ص: 41

وقوله: (کُلُّ مَنْ عَلَیْهَا فَانٍ (26) وَیَبْقَی وَجْهُ رَبِّکَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ).

وقوله:( یَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ).

وقوله: (الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی).

وقوله:( وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).

فالمراد من العمی، عمی القلب عن النظر إلی آیات الله وبیّناته، کما قال سبحانه: (أَفَلَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَتَکُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ یَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ یَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَی الْأَبْصَارُ وَلَکِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ).

والمراد من (الید) السلطة والقدرة، والمراد من (استوی) أی تسلّط، والمقصود من قوله: (إِلَی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أی إلی رحمة ربّها ناظرة لتشملهم هذه الرحمة. فإنّ الله تعالی یقول: (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ وَهُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ).

وقال سبحانه: (لَا تُدْرِکُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ).

فلو کان لله تعالی رجلٌ أو یدٌ أو غیر ذلک من الجوارح والأعضاء المادّیة لکان یُری وتُدرکه الأبصار ویُشبه الآخرین، ولو کان جسماً لکان محتاجاً إلی حیّز ومکان، وکان مرکّباً من أعضاء متعدّدة یحتاج إلیها. إلی آخر ما هنالک من إشکالات علی حمل هذه الآیات علی ظاهرها وعدم تأویلها التأویل المناسب.

ص: 42

وهذا النوع من أظهر أقسام التأویل، وله أقسام أُخر.

ه_ __ معرفة اختلاف القراءات لمعرفة المقصود منها:

مثل قوله تعالی: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِی الْمَحِیضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّی یَطْهُرْنَ)أو (یَطَّهَّرْنَ).

فعلی قراءة «یَطْهُرْنَ» أی یطهرن من الحیض، وعلی قراءة «یَطَّهَّرْنَ» أی یغتسلن من الحیض.

و __ دراسة تاریخ القرآن: وکیفیة نزوله ونظمه وجمعه، وترتیب السور والآیات. ومن الکتب المؤلّفة فی هذا الحقل:

(تاریخ القرآن) لأبی عبد الله الزنجانی.

(لمحات من تاریخ القرآن) للسید محمد علی الأشیقر.

(تاریخ القرآن وغرائب رسمه وحکمه) لمحمد طاهر بن عبد القادر الکردی.

ز __ معرفة المصطلحات القرآنیة: کالتنزیل والتأویل، والناسخ والمنسوخ، والُمحکم والمتشابه، والُمجمل والمُبیّن، والمطلق والمقیّد، والعامّ والخاصّ. وقد کُتبت فی العلوم القرآنیة کُتب کثیرة، منها:

(الإتقان فی علوم القرآن)لجلال الدین السیوطی.

(البیان فی تفسیر القرآن) للسید أبی القاسم الخوئی.

(علوم القرآن) للسید محمد باقر الحکیم.

(التمهید فی علوم القرآن) للشیخ محمّد هادی معرفة.

ص: 43

8 __ الفلسفة الإسلامیّة

کثیراً ما یفکّر الإنسان فی مبدأ الکون ومنتهاه، وقضایا الوجود والحیاة، وطُرق المعرفة، وغیر ذلک ممّا لا جواب له إلاّ فی علم الفلسفة، وکثیر من الأسئلة والشبهات یمکن الإجابة عنها عن طریق علم الفلسفة الذی یبحث بعمق فی الأُمور المعنیّة.

إنّ علم الفلسفة یوسّع آفاق الفکر والمعرفة، ویستوجب الاطّلاع علی نظریّات الفلاسفة فی الوجود والحیاة والکون، وأشیاء أُخری لم یتعرّض لها علم آخر. وفی الحقیقة أنّ علم الفلسفة هو الأساس لعلم العقائد.

والمقصود من الفلسفة الإسلامیّة: (الإلهیات بالمعنی الأعم) أو(علم ما وراء الطبیعة) الذی یُبحث فیه عن الوجود والعدم، والقِدَم والحدوث، والوجوب والإمکان والامتناع، والعلّة والمعلول، وغیرها من المسائل المرتبطة بالوجود بما هو هو.

ومن الکتب المعروفة فی الفلسفة الإسلامیّة:

(الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة) للشیخ صدر الدین محمد الشیرازی.

(المنظومة) للشیخ هادی السبزواری. وعلیها شروح کثیرة.

(دروس فلسفیّة فی شرح المنظومة) للأُستاذ الشهید مرتضی المطهری.

(المنهج الجدید فی تعلیم الفلسفة) للشیخ محمد تقی مصباح الیزدی.

(بدایة الحکمة) و(نهایة الحکمة) للسید محمد حسین الطباطبائی.

(فلسفتنا) للسید محمد باقر الصدر.

ص: 44

9__ العقائد الإسلامیّة أو علم الکلام

إنّ علم العقائد من العلوم الأساسیّة فی الدراسات الإسلامیّة والمعارف الدینیّة، وبواسطته یعرف المسلم أُصول الدین وغیر ذلک من ضروریّات العقیدة، ویُعبّر عنه ب_(الإلهیات بالمعنی الأخصّ) الذی «یتضمّن البحث عن الصانع وصفاته وأفعاله، ویدخل فی البحث عن صفاته: البحث عن عدله، کما یدخل فی البحث عن أفعاله: البحث عن النبوة والإمامة والمعاد».

فمن الضروری للخطیب أن یکون عالماً عارفاً الأُصول العقائدیّة حتّی یُعلّمها الناس، ویدعوهم إلی معرفة الله تعالی ورسوله والأئمة علیهم السلام ، ووجوب طاعتهم ورعایة حقوقهم.

وقد کُتبت فی علم العقائد الإسلامیّة مجموعة کتب حدیثة وقدیمة، منها:

(تجرید الاعتقاد) للمحقّق نصیر الدین محمد بن محمد بن الحسن الطوسی المتوفّی سنة 672ه_.

(کشف المراد فی شرح تجرید الاعتقاد) و(مناهج الیقین فی أُصول الدین) للعلاّمة الحلّی جمال الدین الحسن بن یوسف بن المطهّر.

(شرح الباب الحادی عشر) لمقداد بن عبد الله السیوری، المُسمّی ب_(النافع یوم الحشر).

(شرح الباب الحادی عشر) لأبی الفتح بن مخدوم الحسینی، المُسمّی ب_(مفتاح الباب) وهناک شروح أُخری للباب الحادی عشر.

ص: 45

(علم الیقین فی أُصول الدین) لمحمد بن المرتضی المدعو بالمولی محسن الکاشانی.

(محاضرات فی الإلهیات) للشیخ جعفر السبحانی.

(الإلهیات علی هدی الکتاب والسنّة والعقل) للشیخ جعفر السبحانی.

(القواعد الکلامیة) للشیخ علی الربّانی الکلبایکانی.

(عقائد الإمامیة) للشیخ محمد رضا المظفر.

وقد کُتبت شروح متعدّدة ل_(عقائد الإمامیة) للشیخ المظفر، منها:

(بدایة المعارف الإلهیّة فی شرح عقائد الإمامیة) للسید محسن الخرّازی.

(الفوائد البهیّة فی شرح عقائد الإمامیة) للشیخ محمّد جمیل حمّود.

(محاضرات فی العقیدة الإسلامیّة) للشیخ أحمد البهادلی.

(أُصول العقائد فی الإسلام) للشیخ مجتبی الموسوی اللاری.

(هدایة الأُمّة إلی معارف الأئمة) لناظمها وشارحها الشیخ محمّد جواد الخراسانی.

(القول السدید فی شرح التجرید) للسیّد محمّد الحسینی الشیرازی.

10__ التأریخ الإسلامی

إنّ دراسة التأریخ الإسلامی من ضروریّات الخطیب لیطّلع علی الحوادث التی رافقت ظهور الإسلام وما جری بعد ذلک. وعلم التأریخ من العلوم المهمّة فی العصر الحدیث، وقد وُضعت أُصول ومناهج جدیدة لدراسة التأریخ والمجتمع یحسن الاطّلاع علیها لمزید المعرفة.

ص: 46

ولمعرفة التأریخ الصحیح لابدّ من دارسة الروایات التأریخیة وتحلیلها؛ لأنّ فیها الصحیح وغیر الصحیح، وقد کُتبت فی هذا الحقل کُتبٌ کثیرة منها:

(التاریخ والإسلام) للسید جعفر مرتضی.

(موسوعة التاریخ الإسلامی) للشیخ محمد هادی الیوسفی.

(معالم المدرستین) و(عبد الله بن سبأ) للسید مرتضی العسکری.

(مائة وخمسون صحابیاً مختلقاً) للسید مرتضی العسکری.

وممّا یجدر الاطّلاع علیه هو حیاة صحابة الرسول الحبیب، ففی أخبارهم ومواقفهم کثیر من العظات والعبر، والدروس العقائدیّة والسلوکیّة، وهم الروّاد الأوائل للإسلام.

والکتب التی تتحدّث عن الصحابة کثیرة منها:

(الإصابة فی تمییز الصحابة) لأحمد بن علی بن محمد الشافعی المعروف بابن حجر العسقلانی.

(الاستیعاب فی معرفة الأصحاب) لیوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبی.

(الطبقات الکبری) لمحمد بن سعد.

(أُسد الغابة فی معرفة الصحابة) لعلی بن محمد بن عبد الکریم الجزری المعروف بابن الأثیر.

(حیاة الصحابة) لمحمد یوسف الکاندهلوی.

ص: 47

11__ السیرة النبویة

تدخل السیرة النبویّة فی ضمن التأریخ الإسلامی، ونقصد منها سیرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم وتأریخ حیاته الخاصّة والعامّة، وصفاته، وأخلاقه، وحروبه، وأعماله، وعلاقاته المختلفة الفردیّة والاجتماعیّة، فإنّ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هو القدوة للمسلمین ولهم به أُسوة قال تعالی: (لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).

وقد کُتبَتْ عشرات الکتب فی هذا الحقل، منها:

(السیرة النبویّة) لمحمد بن إسحاق.

(السیرة النبویّة) لعبد الملک بن هشام.

(السیرة النبویّة ) لأبی الفداء إسماعیل بن کثیر.

(إنسان العیون فی سیرة الأمین المأمون) لعلی بن برهان الدین الحلبی.

(کتاب المغازی) لمحمد بن عمر بن واقد.

(امتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع) لتقیّ الدین أحمد بن علی المقریزی.

(تاریخ النبی أحمد) للسید حسن الحسینی اللواسانی.

(سیرة المصطفی) لهاشم معروف الحسنی.

(الصحیح من سیرة الرسول الأعظم) للسید جعفر مرتضی العاملی.

(سید المرسلین) للشیخ جعفر السبحانی.

(حیاة النبی محمّد صلی الله علیه وآله وسلم وسیرته) للشیخ محمّد قوام الوّشْنَوِی.

ص: 48

12__ سیرة أهل البیت علیهم السلام

إنّ حیاة أهل البیت علیهم السلام امتداد لحیاة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم ، وفی سیرتهم وسلوکهم ومواقفهم کثیر من العظات والعبر، فعلی الخطیب الحسینی أن یدرس سیرة أهل البیت دراسة وافیة لینقلها إلی المسلمین ویعرّفهم بحیاة آل محمّد علیهم السلام وأفکارهم وأفعالهم ومواقفهم ومناقبهم وعلومهم.

قال أبو الصلت الهروی: «سمعت أبا الحسن علی بن موسی الرضا علیه السلام یقول: «رَحِمَ اللهُ عبداً أحیا أَمْرنا». فقلت له: وکیف یُحیی أمرکم؟ قال علیه السلام : (یتعلّم علومنا ویُعلِّمُها الناسَ، فإنّ الناس لو عَلِموا محاسنَ کلامنا لاتَّبعونا)».

والکتب التی تعرّضت لذکر سیرة أهل البیت کثیرة منها:

(الأنوار البهیة فی تواریخ الحجج الإلهیة) للشیخ عباس القمی.

(الإرشاد فی معرفة حجج الله علی العباد) للشیخ المفید محمد بن محمد ابن النعمان العکبری البغدادی.

(سیرة الأبرار آل النبی الأطهار) مهدی السید هاشم الحکیم.

(مناقب آل أبی طالب) لرشید الدین محمد بن علی بن شهر آشوب السروی.

(إعلام الوری بأعلام الهدی) للفضل بن الحسن الطبرسی.

(کشف الغمّة) لعلی بن عیسی الاربلی.

(تذکرة خواصّ الأُمّة) لسبط ابن الجوزی.

(موالید أهل البیت) لابن الخشّاب.

ص: 49

(الفصول المهمّة فی معرفة الأئمة) لابن الصباغ علی بن محمّد بن أحمد المالکی.

(مطالب السؤول) لمحمد بن طلحة الشافعی.

(معالم العترة النبویة) للحافظ أبی محمّد عبد العزیز بن الأخضر الحنابذی البغدادی الحنبلی.

(الذریّة الطاهرة) لأبی بشر محمّد بن أحمد بن حمّاد الأنصاری المعروف بالدولابی.

(فرائد السمطین فی فضائل المرتضی والبتول والسبطین والأئمة من ذریتهم علیهم السلام ) لإبراهیم بن محمّد بن المؤیّد الجوینی الخراسانی.

(أئمتنا) لعلی محمّد علی دخیل.

(أهل البیت) لتوفیق أبو علم.

(القطرة من بحار النبی والعترة) للسید أحمد المُستنبط.

(ینابیع المودّة لذوی القربی) للشیخ سلیمان بن إبراهیم القندوزی الحنفی.

(نور الأبصار فی مناقب آل بیت النبی المختار) للشیخ مؤمن الشبلنجی.

(الثاقب فی المناقب) لمحمد بن علی الطوسی المعروف بابن حمزة.

(حلیة الأبرار فی أحوال محمّد وآله الأطهار) للسید هاشم البحرانی.

(إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات) لمحمد بن الحسن الحر العاملی.

(قادتنا کیف نعرفهم) للسید محمد هادی الحسینی المیلانی.

(سیرة الأئمة الاثنی عشر) للسید هاشم معروف الحسنی.

ص: 50

والجدیر بالملاحظة أنّ بعض الکتب تضمّنت تاریخ النبی وآله علیهم السلام ، مثل: (أعیان الشیعة) للسید محسن الأمین العاملی، ذکر فی الأجزاء الأُولی منه سیرة الأئمة المعصومین علیهم السلام وحیاتهم.

(منتهی الآمال فی تواریخ النبی والآل) للشیخ عباس القمی.

(حلیة الأبرار فی أحوال محمد وآله الأطهار) للسید هاشم البحرانی.

(المجالس السَنِیّة فی مناقب ومصائب العترة النبویّة) للسید محسن الأمین العاملی.

(سیرة رسول الله وأهل بیته علیهم السلام ) لمؤسسة البلاغ.

(الحقّ المبین فی معرفة المعصومین علیهم السلام ) من محاضرات الوحید الخراسانی، بقلم الشیخ علی الکورانی.

(أهل البیت فی الکتاب والسنّة) للشیخ محمّد الری شهری.

(أعلام الهدایة) لجنة التألیف فی المجمع العالمی لأهل البیت علیهم السلام .

وممّا یجدر ذکره هو أنّ بعض المؤلفین قدیماً وحدیثاً ألّفوا فی بعض أهل البیت علیهم السلام کتاباً خاصّاً، فمثلاً کَتَبَ السیّد محمّد کاظم القزوینی فی أکثر أهل البیت علیهم السلام کُتباً خاصّة من المهد إلی اللحد، وفی الإمام المهدی (عجل الله تعالی فرجه) من المهد إلی الظهور.

وکذلک الشیخ باقر شریف القرشی کتب فی حیاة أکثر الأئمة علیهم السلام .

وممّا یجدر ذکره أن الخطیب الحسینی ینبغی له أن یدرس حیاة الإمام الحسین علیه السلام وسیرته وثورته وخلفیات الثورة ومعطیاتها وتفاصیل خطبه

ص: 51

ورسائله ومواقفه بصورة موسّعة ودقیقة، إضافة إلی سیرة أهل بیته وأنصاره، بل حتّی مقاتلیه وأعدائه، لیقدّم دراسة کاملة عن کلّ هؤلاء للمستمعین.

وقد کتبت عشرات الکتب فی هذا الحقل، أهمّها:

(الخصائص الحسینیة) للشیخ جعفر التستری.

(نهضة الحسین علیه السلام ) للسید هبة الدین الحسینی الشهرستانی.

(الحسین علیه السلام ) لعلی جلال الحسینی.

(ذکری الحسین علیه السلام ) للشیخ حبیب آل إبراهیم المهاجر العاملی.

(السیاسة الحسینیة) للشیخ عبد العظیم الربیعی.

(الإمام الحسین علیه السلام ) لعبد الله العلائلی.

(ثورة الحسین ظروفها الاجتماعیة وآثارها الإنسانیة)للشیخ محمّد مهدی شمس الدین.

(ثورة الحسین فی الوجدان الشعبی) للشیخ محمّد مهدی شمس الدین.

(البیان الأوّل لثورة الحسین علیه السلام ) للسید طاهر السیّد حسن الخطیب.

(فی رحاب عاشوراء) للشیخ محمّد مهدی الآصفی.

(خلفیات ثورة الإمام الحسین علیه السلام ) للشیخ محمّد مهدی الآصفی.

(کربلاء الثورة والمأساة) للمحامی أحمد حسین یعقوب.

(ثورة الحسین علیه السلام ) للسیّد محمّد باقر الحکیم.

(الحُکم والأخلاق فی منطق الثورة الحسینیة) لمحمّد شعاع فاخر.

ص: 52

13__ علم الأخلاق

الإسلام دین الأخلاق الکریمة، والمُثُل العلیا، والرسول الحبیب یقول:«إنّما بعثت لأُتمّم مکارم الأخلاق».

ویقول الإمام علی علیه السلام : «لو کنّا لا نرجو جنّة ولا نخشی ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لکان ینبغی لنا أن نطلب مکارم الأخلاق فإنّها تدل علی سبیل النجاح».

وعلم الأخلاق له أثر کبیر فی التربیة والتوعیة، وحمل المجتمع علی الأعمال الصالحة، والابتعاد عن الأعمال القبیحة.

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ویده».

وقد شرّع الله تعالی الإسلام لتهذیب النفس وتزکیة القلب. والنفس المهذّبة الزاکیة النقیّة من الرذائل الأخلاقیّة تکون محلاًّ للحکمة والمعرفة والبصیرة والوعی.

فمن الضروری للخطیب أن یُتقن علم الأخلاق حتّی یکون داعیةً لمکارم الأخلاق؛ لأنّ الأخلاق الفاضلة لها أثر تربوی کبیر جداً، وتساهم مساهمة فعّالة فی بناء الأُمّة ورقیّها وتحسین العلاقات الاجتماعیة. قال أحمد شوقی:

وإنّما الأُمم الأخلاق ما بَقِیَتْ***فإن هُمُ ذهبَتْ أخلاقُهم ذهبوا

ومن أفضل کتب علم الأخلاق:

(جامع السعادات) للشیخ محمد مهدی بن أبو ذر النراقی.

ص: 53

(إحیاء علوم الدین) لابی حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالی.

(المحجّة البیضاء فی إحیاء الإحیاء) للمولی محمد محسن الفیض الکاشانی.

(فلسفة الأخلاق) للشهید الشیخ مرتضی المطهّری.

(تزکیة النفس) للسید کاظم الحسینی الحائری.

14__ علم البلاغة والمعانی والبیان

من العلوم الضروریة للخطیب دراسة علم البلاغة والمعانی والبیان وذلک لتقویم لسانه وتحسین کلامه لیکون فصیحاً بلیغاً، ولمعرفة النصوص القرآنیة والحدیثیة والأدبیّة.

فمن الکتب التی یستفاد منها فی هذا العلم:

(مختصر المعانی) و(المطول) لمسعود بن عمر بن عبد الله التفتازانی.

(جواهر البلاغة) و(جواهر الأدب) للسید أحمد بن إبراهیم الهاشمی.

(أسرار البلاغة فی علم البیان) لعبد القاهر الجرجانی.

(القواعد البلاغیّة فی ضوء المنهج الإسلامی) للدکتور محمود البستانی.

15__ علم العَروض

یحتاج الخطیب إلی حفظ الکثیر من الشعر وقراءته، فلابدّ له من معرفة أوزان الشعر وأبحره، وهذا ما یتکفّل به علم العَروض.

إنّ بعض الخطباء یمتاز بحسن السلیقة، فیُمیِّز الشعر الموزون عن غیره، ولکنّه یزداد درایة وفهماً للشعر إذا درس علم العَروض وتعلَّم قواعده.

ص: 54

من أهم الکتب الحدیثة فی العَروض کتاب:

(میزان الذهب فی صناعة شعر العرب) للسید أحمد الهاشمی.

(الإیقاع فی الشعر العربی من البیت إلی التفعیلة) للسیّد مصطفی جمال الدین.

(فن التقطیع الشعری والقافیة) لصفاء خلوصی.

16__ علم الخطابة وفنها

من العلوم والفنون الضروریّة للخطیب والتی یجب أن یستوعبها ویتعلَّمها بدقّة واتّقان: علم الخطابة، أی أُصول الخطابة وقواعدها، وکذلک فنّ الخطابة: أی معرفة کیفیة التکلّم وإلقاء الخطبة، وطرح الفکرة، والتأثیر فی المستمعین، وقد تحدّثنا عن ذلک فی بحث الخطابة.

وهناک علوم أُخر معرفتها تساعد الخطیب کثیراً فی أداء مهامّه الخطابیة، منها:

علم النفس، والتربیة، والاجتماع، وعلم النفس الاجتماعی، والاقتصاد، والسیاسة، والفلسفة الحدیثة، والعلوم الطبیعیة، والریاضیات، والفیزیاء، والکیمیاء، والجغرافیة، وغیر ذلک.

وفی الحقیقة أنّ کلّ العلوم النافعة یمکن الاستفادة منها من قریب أو بعید فی المنبر الحسینی.

والمفروض بالخطیب فی العصر الحدیث مع توسّع العلوم والمعارف وانتشارها أن یکون دائرة معارف مصغّرة وموسوعة ثقافیّة.

ص: 55

لا أقصد أن یتخصص الخطیب فی جمیع العلوم التی ذکرتُها، فإنّ ذلک من المحالات، ولکن لابدّ من دراسة هذه العلوم حسب الإمکان لیستطیع مراجعة کلّ علم عند الحاجة. کما أنّ بعض العلوم یمکن الاستفادة منها بالمطالعة، وإن کانت دراستها أفضل. ولا یراد من الخطیب من أول خطابته أن یکون جامعاً لهذه العلوم، بل یدرسها شیئاً فشیئاً کما هو طریقة رجال العلم.

وإضافة إلی معرفة هذه العلوم فإنّ علی الخطیب أن یوسّع ثقافته بمطالعة الکتب الإسلامیّة والمجلاّت والمقالات المختلفة، وکتب المحاورات والمناظرات، والکتب الأدبیّة، وباقی الکتب النافعة. وحتی الصحف والإذاعة والتلفزیون، یستعین الخطیب ببعض أخبارها وما یُنشر ویُذکر فیها.

ومن الکتب التی لا یستغنی الخطیب عنها کتاب (نهج البلاغة) للإمام أمیر المؤمنین علیه السلام فإنّه المَعین العلمی والثقافی والتاریخی والأدبی والوعظی والعرفانی الذی لا یَنضُب أبداً، وکذلک (الصحیفة السجادیّة) للإمام زین العابدین علیه السلام .

وخطب أهل البیت علیهم السلام وأدعیتهم ووصایاهم ومواعظهم وحِکَمهم، فإنّها تحتوی علی دروس وعظات وعلوم ومضامین عالیة،وأدب رفیع.

ص: 56

ص: 57

المنبر

اشارة

ص: 58

ص: 59

ولتلازم کلمة المنبر مع کلمة الخطابة فی هذه الأیام لا بد من شرحها فی ذیل الحدیث عن کلمة الخطابة ولو بإیجاز.

فالمنبر: اسم آلة علی زنة مِفْعَل کمِبْرَد بالکسر، وهو مرقاة الخاطب وإنما سمی بالمنبر لارتفاعه وعلوه، یقال: نبرت الشیء أنبرته نبراً إذا رفعته.

وقال ابن الأنباری: النبر عند العرب ارتفاع الصوت، یقال: نبر الرجل نبرة إذا تکلم بکلمة فیها علو، ومنه قول الشاعر __ من الکامل __:

إنی لأسمع نَبرةً مِن قولها***فأکاد أن یغشی علیّ سرورا

ولعل التسمیة جاءت من التداعی بعلو الصوت وعلو المکان وارتفاعهما، فالمنبر مکان مرتفع ومن علیه یرفع الخطیب صوته.

ومن اشتقاقاته: انتبر بمعنی ارتقی، بعلاقة الملابسة، یقال: انتبر الخطیب أی ارتقی فوق المنبر ونبر الشیء إذا رفعه.

وربما اطلقت النبرة علی الحرف المهموز؛ لأن الهمزة توجب ارتفاع الحرف أو أنها ترتفع علیه، ومن هنا یعلم أن أصل النبر هو الارتفاع، فیقال للورم إذا ارتفع فی الجسد نبر وانتبر.

ص: 60

تعریف الخُطبة الحُسینیّة

لمعرفة الخطبة الحسینیّة لابدّ من تعریف الخطبة ابتداءً.

الخطبة: هی الکلام الذی یتکلّم به الخطیب.

وقد عرّفوها بأنّها:

«کلامٌ منثورٌ یمتازُ بوقدة العاطفة، ورجاحة الفکر، وحُسن السبک، وجمال البیان، وروعة النطق، وعُمق التأثیر، یتوجّه به المتکلّم إلی جماعة من الناس حاضرة فی مقامه».

هذا تعریف عام لکلّ خُطبة.

أمّا الخُطبة الحُسینیّة فهی: الخُطبة التی یُلقیها الخطیبُ الحسینی فی المجلس الحسینی، وتمتاز بمواصفات خاصّة بها، منها: ذکر الإمام الحسین علیه السلام أو أهل بیته علیهم السلام وأنصاره، والإشادة بمواقفهم، ثم التخلّص بذکر مأساتهم ومصائبهم.

والخُطبة الحُسینیّة تمتاز بأُصولٍ وقواعد خاصّة بها تفترق عن کثیرٍ من الخُطَب الأُخر.

والخُطب الحسینیّة تختلف بحسب ظروف انعقاد المجلس الحسینی ومناسباته.

فتارةً یُعقد للبرکة والذکر، فیُکتفی بذکر بعض مناقب سید الشهداء علیه السلام ومصائبه؛ وتارةً یُعقد للاستفادة والمعرفة.

ص: 61

شروط الخُطبة الحُسینیّة

تحتاج الخطبة الحسینیّة فی صوغها إلی صانع أو مُوجِد وهو الخطیب، ومادّةٍ وهی ما تحتویه الخطبة من معلومات وبحوث، وصورةٍ وهی تنظیم أجزاء الخطبة وموادها وتنسیقها، وغایة وهی الهدف الذی من أجله تُصنع الخطبة.

إنّ العلّة الغائیّة وإن کانت تأتی بحسب تسلسل العلل فی النهایة، ولکنّها هی فی البدایة؛ إذ إنّها الباعث للإنسان علی القیام بالعمل؛ لأنَّ کلّ عاقل لا یَعمل عملاً إلاّ لغایة وهدف، والأعمال مُعلّلة بالغایات، فالنّجار مثلاً یفکّر أوّلاً فی صنع وسیلة للجلوس، ثم یهیئ موادّ ذلک ویقوم بصنعها علی صورة الکرسی، فلو لم یفکّر بالهدف والغایة من أوّل الأمر لَمَا عزم علی صنع الکرسی. وکذلک الخطیب قبل أن یقوم بإیجاد الخطبة علیه أن یفکّرَ فی الغایة المقصودة من الخطبة. فإذا وُجِدَت الفکرة والغایة لدیه قام حینذاک بتحضیر المواد اللازمة للخطبة، ثم تنسیقها وصنعها علی الصورة التی یریدها.

والخطوات المتّبعة من الخطیب لإیجاد الخطبة هی:

إعداد الفکرة، جمع المواد والمعلومات اللازمة، تنسیق المواد وصوغها حسب الأُصول الخطابیة الصحیحة، الأداء والطرح الجیّد.

أمّا شروط الخطبة الناجحة فهی:

1 __ الفکرة الهادفة الجیّدة.

2 __ المواد الجیّدة.

3 __ التنسیق الجیّد.

4 __ الأداء والطرح الجیّدان.

ص: 62

أجزاء الخُطبة الحُسینیّة

تتکون الخطبة الحسینیة فی الخطابة العربیة من الأجزاء التالیة:

1 __ الاستهلال أو الافتتاح.

2 __ الموضوع.

3 __ الرابط أو التخلص أو التعریج أو الکُرِیز.

4 __ المصیبة أو التعزیة.

ص: 63

الحوار

اشارة

ص: 64

ص: 65

مهارات التفاوض والحوار

أصبح التفاوض الاجتماعی والسیاسی علما له أصوله ومناهجه ونظریاته وأسالیبه، ومع أنه علم جدید آخذ فی التشکل، إلا أنه یحظی باهتمام الباحثین فی العلوم الاجتماعیة، لتعلقه بقضایا جوهریة ومهمة لبناء المجتمعات علی النحو الأفضل، وتفعیل عملیة التواصل داخل المجتمعات وفیما بینها علی المستوی العالمی.

فقد تشابکت مصالح بنی البشر، وأصبحوا یعیشون فی قریة کونیة واحدة،مع تنوعاتهم المختلفة، واشتداد حدة التنافس فیما بینهم کأفراد ومجتمعات علی المواقع والمکاسب والمصالح.

ومما یجعلهم بحاجة أکبر إلی تطویر قدراتهم علی التفاهم، والتوفیق بین الإرادات المتنافسة، والتوجهات المختلفة، تجنبا للأزمات، وتفجیر الصراعات والنزاعات.

وتنعکس آثار هذا العلم ونتائج بحوثه علی میادین کثیرة من النشاط الإنسانی الاجتماعی، حیث یستفید منه السیاسیون فی مجال المفاوضات الدبلوماسیة، ورجال المال والأعمال فی صفقاتهم الاقتصادیة، والإداریون لإنجاح مهامهم القیادیة، وسائر الحقول والمیادین التی تتعدد فیها الإرادات والقوی.

ص: 66

الخیار الصحیح

إن البدیل عن الحوار والتفاوض عند الاختلاف والتنافس، هو أحد خیارین:

إما هیمنة إرادة معینة وخضوع الآخرین لقوتها، لکن مع شعور بالغبن، وتحفز للانتقام والثأر، مما یجعل العلاقة بین الطرفین قلقة حذرة، تنعدم فی ظلها فرص التعاون البناء، والانسجام الوثیق.

وإما سیادة ثقافة التناحر والتغالب، التی تکرس انغلاق کل طرف علی ذاته، واهتمامه بالتحشید والتعبئة ضد الآخر، حتی تجد الأطراف نفسها فی مأزق حرب ونزاع قد یصعب علیها الخروج منه.

ولا شک أن التفاوض والحوار هو الخیار الصحیح، والبدیل الأفضل،لأنه یعنی اعتراف الأطراف ببعضها، ورغبتها فی الوصول إلی توافق مشترک، یتیح لها فرصة التعارف المباشرة، وتحدید نقاط الاتفاق ومواقع الاختلاف.

وإذا کان الحوار هو سمة الحیاة السیاسیة والاجتماعیة فی المجتمعات المتقدمة، فإن حضوره ودوره فی مجتمعاتنا لا یزال محدودا باهتا.

وقد دفعنا __ ولا نزال __ ثمنا باهظا لغیاب الحوار الفاعل عن أجوائنا، یتمثل فی الحروب بین الدول والحکومات، وفی الاضطرابات السیاسیة والأمنیة الداخلیة، وفی الصراعات القومیة، والفتن الطائفیة، والنزاعات الفئویة.

وحتی علی المستوی العائلی والأسری فإن کثیرا من حالات التفکک والضیاع ناتجة عن أسلوب الهیمنة والقمع، وغیاب أسلوب التفاهم والحوار.

ص: 67

أسالیب الحوار

من الطبیعی أن یحفل تراثنا الإسلامی بالکثیر من المفاهیم والتعالیم المرتبطة بأسالیب الحوار وطرقه الصحیحة، ذلک أن الإسلام إنما شق طریقه إلی الناس عبر الحوار، حیث لم یکن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یمتلک فی مکة عند بدایة الدعوة قوة ولا ثروة ولا منصبا، وکانت الأجواء العامة رافضة لدعوته، لکنه استطاع بقوة منطقه، وثبات حجته، وعبر أسلوب الحوار الناجح أن یقنع الآخرین، ویستقطبهم إلی جانب الدین الجدید.

ولم یرتض الإسلام القوة والفرض وسیلة لإدخال الناس فی الدین، ذلک أنه (لَا إِکْرَاهَ فِی الدِّینِ). بل اعتمد منهجیة الدعوة بالمنطق والحوار الهادئ، یقول تعالی: (ادْعُ إِلَی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ).

والجدال بالتی هی أحسن، یعنی النقاش والحوار بأفضل أسلوب، وینهی القرآن الکریم عن مناظرة الآخرین والحوار معهم إلا بأفضل الطرق والأسالیب، یقول تعالی: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْکِتَابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ).

ومن یقرأ السیرة النبویة،ویتأمل مواقف رسول الله علیه السلام وتخاطبه مع الآخرین، من مشرکین ویهود ونصاری، یجد أفضل النماذج التطبیقیة لأحسن أسالیب التفاوض والحوار.

وعلی هدیه صلی الله علیه وآله وسلم سار الأئمة الأطهار من أهل بیته، والصحابة الأخیار، فی نشر رسالة الدین، والدعوة إلی مبادئه وأحکامه، عن طریق الکلمة الطیبة، والحوار السلیم.

ص: 68

الهدف النبیل

لماذا یناظر الإنسان الآخرین؟ ولماذا یحاورهم؟.

إذا کان الهدف هو البحث عن الحقیقة، أو مساعدة الآخرین لاکتشافها، فهو هدف نبیل.

وإذا کان الحوار من أجل الوصول إلی فهم متبادل، لیعرف کل طرف ما لدی الآخر، فتتبین موارد الاتفاق، ونقاط الاختلاف، تأسیسا لعلاقة واضحة، وتعایش مشترک، فهو مقصد محمود.

أما إذا کان التناظر والحوار من أجل إظهار الغلبة، وإفحام الطرف الآخر، وممارسة الجدل للجدل، فتلک غایة سیئة، والحوار حینئذ عقیم غیر منتج.

ولعل هذا النوع من الجدل، الذی ینطلق من ذات متضخمة، تستهدف الغلبة بأی وسیلة وثمن هو ما تشیر إلیه الآیة الکریمة فی قوله تعالی:

(إِنَّ الَّذِینَ یُجَادِلُونَ فِی آَیَاتِ اللَّهِ بِغَیْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلَّا کِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِیهِ)

وتطلق النصوص الدینیة علی هذا النوع من الحوار والجدل مصطلح (المراء)، وتحذر الأحادیث والروایات، من انتهاج مسلک (المراء) بأن یجادل الإنسان من أجل الغلبة لا من أجل غایة صالحة، حتی وإن کان ما یجادل حوله حقا.

ص: 69

أخلاقیات الحوار

لماذا تصاب أکثر الحوارات فی مجتمعاتنا بالفشل؟ وتصل إلی طریق مسدود؟.

ولماذا تنتهی إلی نتائج سلبیة غالبا، فتزید الغموض فی موضوع الحوار، وتوسع شقة الخلاف بین المتحاورین؟.

فی المجتمعات المتقدمة یتحدثون عن فاعلیة الحوار لدیهم،بحیث تحول إلی منهج حیاة، وأسلوب معالجة للمشاکل والخلافات، ووسیلة إثراء للفکر والمعرفة، فلماذا یؤدی الحوار عندنا دورا عکسیا؟.

لقد لاحظ هذه المفارقة أکثر من باحث وکاتب، یقول الأستاذ راشد الغنوشی: «إن من الملفت للنظر أن یجری الحوار بین غیر المسلمین فیتحقق التعاون، ویتوحد الصف، بینما یصبح الحوار بین جماعات المؤمنین أکثر صعوبة، وأقل جدوی، وذلک مظهر التخلف».

ویقول الدکتور یحیی الجمل: «کوننا لا نعرف کیف نتفق أصبح أمرا شائعا،ولکن المشکلة الحقیقة أننا لا نعرف کیف نختلف».

إنه لا یمکن الشک فی فائدة الحوار وصلاحیته وجدواه لکل المجتمعات الإنسانیة، فلا یمکن القول إنه صالح لتلک المجتمعات، لکنه غیر صالح لهذه المجتمعات، بل یجب البحث عن العوامل المعوقة، التی تجهض فاعلیة الحوار. ویبدو أن من أهمها ضعف ثقافة الحوار، وغیاب المنهجیة الصحیحة لإدارته.

إن سلامة المقصد والاستهدافات من عملیة الحوار رکن أساسی لتحقیق نجاحه،کما سبق الحدیث عن ذلک، وفیما یأتی عرض لأهم الأرکان الأخری فی أخلاقیات الحوار:

ص: 70

موضوعیة البحث ومنهجیته

لابد أن یتحدد أولا موضوع البحث الذی یدور حوله الحوار،وحسب تعبیر العلماء تحریر محل النزاع، أی تحدید النقطة التی یختلف فیها بالضبط،ذلک أن کل قضیة من القضایا یمکن أن تناقش من لحاظات مختلفة، وزوایا متعددة، فإذا لم یتفق طرفا الحوار علی منطقة البحث، فسیتناول کل منهما جانبا غیر الذی یتناوله صاحبه، ویتشعب البحث، ویضیع الموضوع، ولا یصلون إلی نتیجة.

وکثیرا ما یحصل فی بعض المجالس والملتقیات أن یطرح موضوع للنقاش، ثم ما یلبث أن یحشر فیه ألف موضوع، کل واحد منها یحتاج إلی بحث خاص به.

الاحترام المتبادل

من أجل توفیر أکبر قدر من الترکیز العقلی فی موضوع البحث والحوار، ولتنمیة روح الإخلاص للحقیقة لدی الأطراف المتحاورة، وتشجیع حالة المرونة للوصول إلی توافق مفید، ینبغی أن تسود أجواء الحوار درجة عالیة من التقدیر والاحترام المتبادل.

ذلک أن أجواء التوتر النفسی، والاستفزاز العاطفی، التی تخلقها إساءة من هذا الطرف، ورد فعل موازٍ من الطرف الآخر، تعرقل موضوعیة البحث، وتعکر صفاء الفکر، وقد تمنع استمرار الحوار، أو تحقیقه لنتائج مرضیة.

ص: 71

نقاط الالتقاء

ومما یخدم أهداف الحوار، ویساعد علی نجاحه، أن یبحث الطرفان عن نقاط الالتقاء بینهما، وموارد الاتفاق، ویبدآن من التأکید علیها، والانطلاق منها لمناقشة قضایا الاختلاف.

التعددیة والرأی الآخر

لیس حتما أن یصل الطرفان المتحاوران إلی رأی واحد، فقد یعجز کل منهما عن إقناع الآخر بوجهة نظره، وقد یفشلان فی الالتقاء عند منتصف الطریق، ویبقی کل منهما متمسکا برأیه، عن حق أو لشبهة، أو مکابرة وعنادا. وهنا لابد من القبول بالتعددیة والاعتراف بوجود الرأی الآخر، لأن الدنیا تتسع للجمیع، والحیاة فیها حق مشترک، وحریة العمل والحرکة متاحة لبنی البشر.

تعریف التعصب

1__ یری (اولبورت) أن أکثر تعریفات التعصب إیجازا هو: «التفکیر السیئ عن الآخرین دون وجود دلائل کافیة».

2__ التفضیل أو عدم التفضیل تجاه شخص أو شیء ما دون سابقة للخبرة، أولا تقوم علی أساس الخبرات الفعلیة».

3__ وعرفه الدکتور حسن حنفی بقوله: «التعصب هو الانحیاز التحزبی إلی شیء من الأشیاء فکرة أو مبدأ أو معتقداً أو شخصاً، إما مع أوضد، والتعصب للشیء هو مساندته ومؤازرته، والدفاع عنه، والتعصب ضد الشیء هو مقاومته».

ص: 72

مواجهة التعصب

لا یکاد یخلو زمن من أزمنة تاریخ الأمة من وجود اتجاهات تعصبیة، منذ أن ظهرت فتنة الخوارج سنة 37 ه_ لکن وجود هذه الاتجاهات کان فی الغالب محدود الانتشار والتأثیر.

أما فی هذا العصر فقد أصبحت تیارا واسع الانتشار، عظیم التأثیر، بشکل لم یسبق له مثیل فی التاریخ، مما جعلها من أکبر التحدیات فی واقع الأمة.

لقد أسهمت عوامل مختلفة داخلیة وخارجیة فی صنع هذه الظاهرة التعصبیة، وفی تغذیتها وتنمیتها، مما أتاح لها التجذر والتغلغل فی کثیر من البقاع والأوساط، ووفر لها مستوی هائلا من القدرات والإمکانات.

ولابد من تضافر الجهود الواعیة، واستنفار القوی المخلصة، لمواجهة هذه الظاهرة الخطیرة، التی تهدد مستقبل الإسلام والأمة، بما تسببه من انقسام وتمزق داخلی، ومن تقویض للأمن الاجتماعی، وتعویق للتنمیة، وتأجیج لصراع الحضارات بین الإسلام وسائر الأمم.

إن المواجهة القمعیة لا تکفی وحدها للتغلب علی هذه الظاهرة الخطیرة، بل قد تزیدها فی بعض الأحیان تصلبا وشدة، والمطلوب اعتماد برامج وخطط شاملة لمعالجة جذور الاتجاهات التعصبیة، وللحد من قدرتها علی التأثیر والانتشار.

ولعلماء النفس والاجتماع، دراسات وأبحاث قیمة، فی مجال معالجات حالات التعصب، ومواجهة الاتجاهات التعصبیة، کما أن فی تجارب الأمم

ص: 73

المعاصرة ما یمکن الاستفادة منه علی هذا الصعید. فقد واجه الأمریکیون منذ النصف الأول للقرن العشرین، مشکلة الاتجاهات النازیة التعصبیة.

وفی تعالیم دیننا وتراث حضارتنا کنوز من المعارف والتجارب التی تضیء لنا طریق الخلاص من هذه الفتن العمیاء.

برامج التربیة والتعلیم

فی مرحلة الطفولة وفی أحضان العائلة، ثم من خلال برامج التعلیم، تتشکل الصورة الأساسیة لشخصیة الإنسان.

وطبقا لما لاحظه الباحثون فی علم النفس والاجتماع، فإن الأطفال فی سن الخامسة وما قبلها، لا یستوعبون حالات التمییز فیما بینهم علی أساس أی انتماء عرقی أو دینی أو طبقی، بل ینجذبون إلی بعضهم، ویشترکون فی اللعب، دون وجود مشاعر تمییزیة.

لکنهم فی سن السادسة وما بعدها یتأثرون بأجواء محیطهم العائلی، فی تکوین الانطباعات والمشاعر للفرز بین أقرانهم وأندادهم من الأطفال، علی أساس اختلاف الانتماءات.

وفی مرحلة الشباب من سن الثانیة عشرة إلی السادسة عشرة وما بعدها، یکون استعداد الأبناء أکثر للتعاطی مع حالات الفرز والتمییز، واتخاذ المواقف تجاه الآخرین.

وتکون حالة الاندفاع والحماس، والعنفوان العاطفی فی مرحلة الشباب، أرضیة مساعدة للاستجابة للاتجاهات التعصبیة. لذلک تهتم

ص: 74

مختلف التیارات والتوجهات باستقطاب الشباب، للاستفادة من قوة حماسهم واندفاعهم فی خدمة خططها وبرامجها.

وهنا یأتی دور التربیة العائلیة، والمناهج التعلیمیة، فی توجیه مشاعر الأبناء، وترشید توجهات الشباب، لیستقبلوا الحیاة بروح منفتحة، ونفسیة طیبة، غیر ملوثة بالعقد والأحقاد.

ویظهر من دراسة حالات التعصب القائمة فی مجتمعاتنا، أن التربیة العائلیة، وبعض المناهج التعلیمیة، تتحمل قسطا کبیرا من المسؤولیة فی زرع بذور هذه الاتجاهات التعصبیة، وتنمیتها فی نفوس الأبناء والطلاب.

العلاج المعرفی

تنمو جذور التعصب فی أرضیة الجهل والانغلاق، حیث تتأسس القناعات، وتتخذ المواقف،بناء علی تصورات خاطئة، وتقویمات نمطیة، ونظرات ناقصة، وفی أجواء انفعالیة تعبویة.

ویحرص قادة الاتجاهات التعصبیة علی إبقاء أتباعهم فی ظروف کهفیة انطوائیة، بعیدا عن وسائل المعرفة الحرة، وتأثیرات الرأی الآخر، ویصنعون حولهم سیاجا من المحرمات والمحظورات، فالإطلاع علی کتب الآخرین حرام لأنها کتب ضلال، ومخالطة المخالفین إثم باعتبارهم مبتدعة.

کما یجری ترویض عقولهم وأفکارهم، لمنعها من الحرکة والنشاط خارج سیاق ما یلقنونهم إیاه، حیث لا یحق الاعتراض، ولا یصح النقاش، فذلک نوع من التمرد علی الشرع، والتشکیک فی النص المقدس.

ص: 75

ثقافة الوحدة والحوار

لسنا بحاجة للتأکید هنا علی أهمیة الحوار وضرورته، فهی حقیقة واضحة لا یجادل فیها عاقل، وبخاصة بعد أن رأینا النتائج الوخیمة، والآثار المرّة لافتقاد الحوار.

بید أن المطلوب توفیر الأجواء الملائمة، والعوامل المساعدة، لتکریس منهجیة الحوار، ولإنجاح مسیرته، وتفعیل دوره علی المستوی الوطنی العام. ولعل من أهم ما نحتاج إلیه لتکریس منهجیة الحوار،علی مستوی الأمة والوطن، هو توفیر الثقافة الوحدویة الجامعة، التی تهیئ النفوس، وتوجه العقول نحو الوحدة الإسلامیة والوطنیة، وباتجاه لغة الحوار، واحترام الرأی الآخر.

إن من الضروری بعث حرکة ثقافیة واسعة، تبشّر بالمفاهیم الإسلامیة، والقیم الإنسانیة، الداعیة إلی الوحدة والحوار، وإلی الوئام والانسجام، بین بنی البشر عامة، وبین أبناء الوطن بشکل خاص. وفی طلیعة هذه المفاهیم والقیم، تأتی قضیة حقوق الإنسان، وحرمة المسلم، وحقوق المواطنة.

ص: 76

ص: 77

المناظرة

اشارة

ص: 78

ص: 79

غرض المناظرة: هو: إظهار الصواب.

موضوع المناظرة: الأدلة من حیث انها یثبت بها المدعی علی الغیر.

وظائف السائل:

1 __ المناقضة: هی منع مقدمة الدلیل.

2 __ النقض: هو منع الدلیل بالشاهد.

3 __ المعارضة: هی منع المدلول بالدلیل.

آداب المناظرة

1 __ الاحتراز عن الإیجاز والاطناب.

2 __ الاحتراز عن الألفاظ الغریبة.

3 __ الاحتراز عن اللفظ المجمل.

4 __ الاحتراز عن الدخل فی کلام الخصم قبل الفهم.

5 __ الاحتراز عن التعرض لما لا دخل له فی المقصود.

6 __ الاحتراز عن الضحک ورفع الصوت فی أثناء المناظرة.

7 __ الاحتراز عن المناظرة مع أهل المهابة والاحترام.

8 __ الاحتراز عن استحقار الخصم.

ما تؤول إلیه المناظرة: هو إسکات الخصم وإفحامه.

ص: 8

ص: 81

الأزمات

اشارة

ص: 82

ص: 83

الأزمة

فالأزمة هی لحظة حرجة وحاسمة تتعلق بمصیر الکیان الإداری الذی أصیب بها، مشکّلة بذلک صعوبة حادة أمام متخذ القرار

A Decisive Moment and Time of Acute Difficulty تجعله فی حیرة بالغة.

فالأزمة بهذا المفهوم تأخذ بعدین أساسین هما:

البعد الأول: بعد الرعب الناجم عن التهدید الخطیر للمصالح والأهداف الجوهریة الحالیة والمستقبلیة الخاصة بالکیان الإداری وما یترتب علیه من هلع وخوف وتوتر وقلق یفتح الباب لمزید من الهواجس والشکوک والاحتمالات المتعارضة علی نطاق واسع نتیجة اتساع نطاق المجهول وتصاعد أحداث الأزمة.

البعد الثانی: بعد الزمن الناجم عن الوقت المحدود المتاح أمام مدیری الأزمات لاتخاذ قرار سریع، وصائب، ولا یتضمن أی خطأ، لأنه لن یکون هناک وقت أو مجال للتأخیر أو لإصلاح الخطأ، لنشوء أزمات جدیدة أشد وأصعب من الأولی قد تقضی علی الکیان الإداری ذاته ولا تبقی علی أی أعمدة أو قواعد تکفل له الاستمرار والتجدد من جدید... فالأزمة سریعة

ص: 84

متلاحقة عندما تنفجر أحداثها، ویفقد الجمیع بما فیهم صانعوها القدرة علی السیطرة علیها، أو علی تحدید اتجاهها، فتصبح کالتیارات تجتاح الغابة المتشابکة فی ظل تیارات هوائیة متعارضة، أو کفیضان نهر اجتام مسد من السدود انهار فأصبحت المیاه أکثر قوة واندفاعاً...

وللأزمة بهذا المنطق خصائص أساسیة هی:

(أ) المفاجأة العنیفة عند انفجارها واستقطابها لکل الاهتمام من جانب جمیع الأفراد والمؤسسات المتصلة بها أو المحیطین بها، والتی قد تصل إلی درجة الصدمة العنیفة.

(ب) نقص المعلومات وعدم وضوح الرؤیا لدی متخذ القرار، ووجود ما یشبه الضباب الکثیف الذی یحول دون رؤیة أی الاتجاهات یسلک، وماذا یخفیه له هذا الاتجاه من أخطار مجهولة سواء فی: حجمها، أو کنهها، أو فی درجة تحمل الکیان الإداری لها وتکاثف الضباب أو عدم الرؤیة الکاملة مع تصاعد حدة الأحداث واشتداد حوادث الأزمة.

المبحث الأول: الوصایا العشر للتعامل مع الأزمات

التعامل مع الأزمات فن ومهارة، ویحتاج إلی وعی إدراکی شامل ومتکامل، لیس فقط بحاضر الأزمة وملامحها وما یحدث فیها ومنها، ولکن أیضاً بالظلال الخافتة، وما خفی مقابلاً لها لا تظهر ملامحه واضحة جلیة، بل تکاد لا تظهر إطلاقاً، بل ما قد یؤدی إلی ذات المعنی والمضمون، وإلی

ص: 85

ذات الخطورة الظاهرة والکامنة علی حد سواء، ومن ثم فإن معرفة فنون المواجهة، ونظریات التعامل، ومجالات وإدارة الأزمات وأهدافها، وتحدید مدی خطورة الأزمة، وکیف ومتی سیتم القضاء علیها... جمیعها تحتاج إلی استلهام وإلهام... وإلی احترام وتقدیر وتطبیق واستخدام جید للوصایا العشر للتعامل مع الأزمات.

وهی تمثل الدستور الإداری الذی یتعین علی کل متخذ قرار أن یعیه جیداً عند التعامل مع أی أزمة تواجهه، وأن لا یتناسی أو یتجاهل إحدی هذه الوصایا التی هی شدیدة الأهمیة والخطورة، وهذه الوصایا العشر هی:

(أ) توخی الهدف.

(ب) الاحتفاظ بحریة الحرکة وعنصر المبادرة.

(ج) المباغتة.

(د) الحشد.

(ه_) التعاون.

(و) الاقتصاد فی استخدام القوة.

(ز) التفوق فی السیطرة علی الأحداث.

(ح) الأمن والتأمین للأرواح والممتلکات والمعلومات.

(ط) المواجهة السریعة والتعرض السریع للأحداث.

(ی) استخدام الأسالیب غیر المباشرة کلما کان ذلک ممکناً.

ص: 86

المبحث الثانی: خطوات التعامل مع الأزمة

اشارة

یمر التعامل العلمی مع الأزمات، وإدارتها إدارة علمیة رشیدة بسلسلة متکاملة ومجموعة مترابطة من الخطوات المنهجیة المتتابعة.

وفیما یلی عرض موجز لکل خطوة منها:

أولاً __ تقدیر الموقف الأزموی

اشارة

فی ظل الضغط والتوتر الشدید الذی یسیطر علی جو الأزمة ومناخها، وفی ظل تصاعد المجاهیل المتعددة الأنواع والجوانب،عن الأزمة وعن صانعیها وعن الأهداف الخفیة التی تنهض وراء کل منهم ومن وراء صنع الأزمة... یحتاج مدیر الأزمة إلی تقدیر سلیم یحدد أبعاد الموقف الأزموی وجوانبه.

(أ) تحدید دقیق وشامل للقوی التی صنعت الأزمة

ویهدف هذا البعد إلی التعرف علی هذه القوی، لمعرفة حجمها وعددها، بل ومن هی فعلاً القوی الخفیة التی تنهض وراء أحداث الأزمة وصنعها، ولیس فقط القوی الظاهرة ولکن أیضاً المستترة منها، وعادة ما یتم الاستفادة من المعلومات والبیانات التی تم توفیرها عن هذه القوی، والتی تم أیضاً تحدیثها وإضافة ما تم الحصول علیه من میدان الأزمة إلیها.

ص: 87

(ب) تحدید وتوقع ورصد لعناصر القوة التی ترتکز علیها القوی الصانعة للأزمة

وتشمل هذه العناصر ما تملکه القوی الصانعة للأزمة من ضغط أو قوی ضاغطة، وما تملکه من مصالح تؤثر علی مواقف الآخرین، وعلی أحوالهم، سواء لدی الجانب المؤید لهم،أو المعارض، وما ینشأ عنها من تصرفات یتم رصدها، سواء اتخذت شکل تعایش مع الأزمة أو مجابهة تصادمیة معها، وفی الوقت ذاته فإن عملیات الرصد المبکر لإحداثیات الموقف الأزموی وتطوراته کافة، وتتبعه فی اتجاهه التصاعدی، وقیاس معدلات هذا التصاعد، وتحدید أی الجهات تکمن وراء زیادة الضغط الأزموی، ومن ثم تحدید شبکة المصالح التی تجمع هذه القوی.

(ج) تحدید من هی القوی المساعدة والمؤیدة لقوی صنع الأزمة

حیث إن قوی صنع الأزمة لا تستطیع بمفردها أن تخلق الضغط الأزموی أو تفجر أزمة فاعلة، بل إنها دائماً تحتاج إلی قوی مؤیدة لها، وروافد تدفع لها بتیار متدفق من الدعم والتأیید والمساندة... ومن هنا یتم تحدید التحالفات التی تساند قوی صنع الأزمة،وهل هی تحالفات هشة أو قویة؟ والمصالح التی تربطها هل هی دائمة مستمرة أو هی وقتیة مرحلیة؟ ومن خلال هذا التحدید یتم معرفة مناطق الضعف التی من خلالها یتم اختراق جدار قوی صنع الأزمة، وتحدید التوقیتات المناسبة لإتمام هذا الاختراق.

ص: 88

(د) تحدید لماذا وکیف صنعت الأزمة

إن النتائج کما هی دالة للأسباب، فإنها أیضاً تدل علیها، وبمعنی آخر فإن النتیجة هی نتاج مجموعة أسباب تفاعلت وأحدثت أثرها وأفرزت هذه النتیجة، ومن ثم فإنه یمکن من خلال دراسة النتائج الوصول إلی الأسباب، وعلی هذا فإن ماتفرزه الأزمة من نتائج لمعالجتها، والوصول إلی هذه الأٍسباب یقود أیضاً إلی کیف حدث التفاعل بینها وأدی إلی صنع الأزمة.

ص: 89

ثلاثون طریقة للتأثیر فی الآخرین

اشارة

ص: 90

ص: 91

بطریقة القدوة: من أنت وکیف تتصرف؟

1 __ امتنع من قول الکلام القاسی أو السلبی: وانتبه لهذا وبخاصة حینما تُستثار أو تکون منهکًا. إن نجاحک فی الامتناع عن هذا فی الظروف المذکورة هو شکل راقٍ من ضبط النفس. إننا ننجح فی عمل هذا حینما نمتنع من قذف الکلمات التی هی من صنع فورة الهیجان.

2 __ مارس الصبر مع الآخرین: فی أوقات الضغط النفسی، یکون فقدان الصبر لدینا طافیًا علی السطح، متحفِّزًا لیجعلنا نقول ما لا نقصد. وقد یظهر فقدان الصبر علی شکل التجهم والتقطیب، وقد لا یکون هذا أفصح من الکلمات. إن الصبر هو التعبیر العملی عن الثقة والأمل والحکمة والحب. ولیس الصبر شیئًا سلبیًا، بل هو سلوک عملی، إنه لیس الصمت الغاضب. إنه قبول لحقیقة التقدم والنمو الطبیعی. وفی الحیاة مواقف کثیرة تظهر فیها قدرتنا علی الصبر، مثل انتظار شخص متأخر، والاستماع الصبور للصغیر وهو یفرغ عواطفه برغم إلحاح المشاغل.

3 __ میز بین الشخص وسلوکه أو فعالیته: إن من الواجب أن نبقی علی التواصل مع الإنسان علی فرض أن له قیمته الذاتیة، وهذا لا یعنی أن نغض النظر عن سلوکه الخاطئ أو الشائن.

ص: 92

4 __ قدم خدمات لا یدری أحد أنک أنت الذی قدمتها: إننا کلما قدمنا أعمالاً طیبة للآخرین دون أن یدروا بمن قدمها فإن شعورنا بقیمتنا الأصلیة یزداد، کما یزداد احترام الذات لدینا. کما إن مثل هذه الخدمة هی من أهم عوامل التأثیر علی الآخرین.

5 __ لیقع اختیارک علی الرد الإیجابی: لماذا یقصر ما یفعله أکثرنا عما یعمله؟ إن السبب أننا لا نمارس قدرتنا علی اختیار استجاباتنا. إن الاختیار یعنی أننا نحصل علی رؤیة للأمر المطروح ثم نقرر ما سنفعله، کما إن الاختیار یعنی قبولنا بالمسؤولیة عن مواقفنا وسلوکنا، وأننا نرفض إلقاء اللوم علی الآخرین أو الظروف.

6 __ حافظ علی ما قطعته من وعود: إن محافظتنا علی الوعود تعنی أن یکون لنا تأثیر فی الآخرین. وحتی نعطی الوعود التی سوف نفی بها نحتاج أن نفهم أنفسنا، وهذا یعنی أننا نقوم بعملیة انتقاء دقیق لما سنعطیه من وعود، إن قدرتنا علی إعطاء الوعود والوفاء بها هو أحد مقاییس سلامة شخصیتنا.

7 __ رکز علی دائرة التأثیر: حینما نرکز علی المجال الذی نستطیع أن نتحکم فیه فإن دائرة تأثیرنا تتوسع. مثال علی ذلک: یشکو کثیرون أن رئیسهم فی العمل لا یحاول فهم برنامجهم أو مشکلاتهم. ولکن الذین یشکون هم أنفسهم قد لا یحاولون أن یعدلوا عرضًا یتوافق مع عقل الرئیس ومشکلاته، بحیث لابد أن یستمع إلیه.

8 __ تمثل قانون الحب: حینما نتمثل قانون الحب فإننا نشجع الناس علی قبول قوانین الحیاة، إن الناس لدیهم جانب من اللیونة فی داخلهم،

ص: 93

وبخاصة أولئک الذین یتظاهرون بالشدة. وحینما نعرف کیف نستمع ونصغی إلیهم نحصل علی تجاوبهم، ویزداد تأثیرنا إذا أبدینا حبًا غیر مشروط، أما العلاقات السطحیة ومحاولة التحکم فإنها تفقد الناس الثقة.

العلاقة: أن تفهم الآخر وتشعر بالاهتمام به.

9 __ افترض أفضل الاحتمالات فی الآخرین: إن افتراض حسن النیة یؤدی إلی نتائج طیبة، وحینما یکون تعاملک مع الآخرین علی افتراض أنهم یفعلون أحسن ما لدیهم بحسب ما یرون الأمور یعطیک القدرة علی أن تستثیرهم علی فعل أفضل ما یستطیعون فعله. بینما بالمقابل حینما نجهد لنصنف الآخرین ونصدر علیهم أحکامنا فإن هذا یدل علی أننا لا نشعر بالأمان. إن لکل إنسان أبعادًا کثیرة، بعضها ظاهر وأکثرها هاجع کامن، ویمیل الناس إلی أن تکون استجابتهم لنا بحسب ما نعتقده عنهم. فلا تسئ الظن فی الأکثرین بسبب الأقلین.

10 __ حاول أولاً أن تفهم: لتکن محاولتک أن تفهم الآخر قبل رغبتک فی أن یفهمک الآخر. تقمص دور من أمامک، أی افهم کیف یفکر ولو لبعض الوقت. مثل هذا السلوک یتطلب شجاعة وصبرًا وشعورًا بالأمان.

11 __ کافئ الکلام والأسئلة المخلصة: من المؤسف أن الناس یسیئون إلی من یتکلم بانفتاح واستقامة، وأکبر عقبة فی العلاقات المثمرة المستقیمة إصدار الأحکام والانتقاد.

12 __ أشعر الآخر أنک تفهم منه: فحین تفعل ذلک تنبنی علاقات الثقة فی أثناء التواصل، ولکن مثل هذا التجاوب یجب أن یکون موقفًا صادقًا، ولیس تلاعبًا بسحنة الوجه والکلام.

ص: 94

13 __ إذا أساء إلیک أحد فکن المبادر بإصلاح العلاقة: فإن من أحس بالإساءة وانکب بتفکیره علیها سوف یجعل المشکلة تتضخم حتی تخرج عن السیطرة، وحینما تصلح العلاقة فافعل ذلک بطیب نفس، دون أن یکون فی قلبک غضب وغیظ.

14 __ اعترف بأخطائک، واعتذر، واطلب الصفح: حینما تتأزم العلاقات فعلاً فقد یکون الحل أن نعترف أننا مسؤولون علی الأقل عن الأزمة. ولا یکفی أن نشعر هذا فی السر، بل کثیرًا ما یکون الحل الوحید أن نعترف بالخطأ ونعتذر، ولا نقدم أعذارًا ودفاعات.

15 __ دع الجدال یفرغ نفسه بنفسه: فی حال صدور اتهامات غیر مسؤولة وجدال متعنّت من الآخر فلا تفعل مثله، دعه یتکلم حتی یفرغ ما فی جعبته، استمر فی عمل ما علیک عمله بهدوء، وهذا سیجعل الآخر یواجه النتیجة الطبیعیة لجداله. أما إذا انسقت إلی دائرة الجدال فإنک ستذوق الحسرة مثلما سیذوقها الآخر، کما أن دخولک فی ذلک سوف یهیئ بذور مزید من التباعد فی المستقبل.

16 __ أعط الأولویة للعلاقة الشخصیة: قد تجد مدیر أعمال له نشاط کبیر فی عمله وفی مساعدة کثیر من الناس، ولکنه لم ینجح فی تطویر علاقة عمیقة مثمرة مع زوجته أو مع أبنائه. إن النجاح فی تطویر هذا یتطلب نبلاً فی الشخصیة وتواضعًا وصبرًا أکثر مما یتطلبه النجاح مع المجتمع. وقد یدافع المرء عن نفسه بقوله إنه أهمل الواحد لینجح مع عدد کبیر، وهذا یخفی رغبته فی الحصول علی التقدیر والامتنان.

ص: 95

إننا ندرک أننا بحاجة إلی أن نخصص وقتًا نعطی فیه کل اهتمامنا لشخص محدد.

17 __ أعد بلا ملل ذکر الجوانب التی تجمع بینک وبین الآخرین: سلط الضوء علی الجوانب التی توحد بینک وبین أصدقائک وعائلتک والعاملین معک. لا تجعل دور المشکلات أکبر من جوانب التوحید وأعمق المشاعر.

18 __ اجعل تأثیر الآخرین فیک سابقًا علی تأثیرک فیهم: إن تأثیرنا فی الآخرین یوازی شعورهم بتأثیرهم فینا. إن اهتمامک بمشکلات الآخر الخاصة تجعله یعلم بتأثرک بشؤونه، وعندها سیفتح لک قلبه بشکل مدهش.

19 __ تقبل الشخص کما هو: إن أول خطوة فی تغییر الآخر أن تتقبله کما هو. فإذا لم تتقبله فإنه سیتخذ موقفًا دفاعیًا ویتوقف استماعه لک. ولا یعنی التقبل أنک تقبل بالعیب الذی لدیه، ولکنه یعنی إدراک قیمته الأصلیة.

20 __ کن مستعدًا فی قلبک وعقلک قبل أن تکون مستعدًا بلسانک: إن طریقة قولنا للأشیاء قد تکون أهم مما نقوله، فقبل أن یعود أطفالک من المدرسة وکل منهم سیعرض حاجاته، فکر واضبط نفسک، قرر أن تکون لطیفًا مرحًا، وقرر أن تستمع إلیهم بکل اهتمام. وهکذا قبل أن تلقی زوجتک ( أو زوجکِ )، راجع قدراتک علی أن تدخل علی الآخر السرور، مثل هذا القرار سیمکنک من التغلب علی عنائک ویستثیر قدراتک.

21 __ تجنب مواقف الهجوم أو الدفاع: فی حالات الخلاف تجنب ما یفعله کثیر من الناس حینما یحیلون الخلاف إلی عنف، سواء أکان العنف بالغضب الظاهر أم بالکلام الساخر أم بالعبارات الجارحة أم بالانتقاد.

ص: 96

وتجنب کذلک الدفاع سواء أکان بصورة الانسحاب أم الحسرة، والدلیل لکل ذلک هو الحدیث الهادف لإنهاء الخلاف.

22 __ اختر الوقت الصحیح للتعلیم: لیس کل وقت مناسبًا للتعلیم، فالناس مستعدون للتعلیم حینما لا یشعرون أن هناک ما یهددهم، وحینما لا تکون أنت غاضبًا أو فی حالة إحباط، وإنما تظهر احترامًا وعطفًا وتکون أنت فی أمان فی داخل نفسک، ولا یناسب التعلیم کذلک حینما یحتاج الآخر إلی المساعدة، تذکر من جهة أخری أننا نقوم بالتعلیم غیر المباشر کل الوقت ؛ لأننا نشع باستمرار ما یدل علی حقیقتنا.

23 __ اتفق مع الآخر علی الحدود والقواعد والتوقعات والنتائج: إن شعورنا بالأمان یرجع إلی حد بعید إلی شعورنا بالإنصاف والعدل، وبالعکس فإن الحیاة یفقد فیها الأمان حینما تکون القواعد والتوقعات مفاجئة مزاجیة.

24 __ لا تستسلم ولا تیأس: لیس من الرفق بالناس أن نحمیهم من نتائج أعمالهم، فمثل هذه الحمایة تمکن للسلوک غیر المسؤول وتعلم الناس أن یسمحوا لأنفسهم أن تکون رغباتهم هی النظام السائد، ومن جهة أخری فحینما نتغافل عن محاولات الناس فنحن نثبط محاولاتهم.

25 __ کن حاضرًا عند مفترقات الطرق: قد یتخذ من نحبهم ویهمنا أمرهم قرارات لها آثار بعیدة المدی علی أساس رؤی انفعالیة آنیة، فکیف نحمیهم؟ إن أول ما علینا فعله أن نفکر قبل أن نبدی رد فعلنا، فلا ننساق وراء الانفعال نحن کذلک، وإلا أضررنا بما لنا من تأثیر فیهم، وعلینا ثانیًا

ص: 97

أن نعرف أن المشاعر تحرک دوافع الناس أکثر من التفکیر، فعلینا أن نتعلم اللغة التی تؤثر فیهم کما نتعلم لغة أجنبیة، فلا ندینهم ولا ننبذهم.

26 __ استخدم کلاً من لغتی المنطق والمشاعر: إن هاتین اللغتین تختلف إحداهما عن الأخری کما تختلف اللغة العربیة عن الصینیة، حینما لا یحدث التواصل الجید بینک وبین الآخر فامنحه الوقت الکافی وأصغ إلیه بإخلاص، وعبر عن مشاعرک بصدق.

27 __ فوِّض الآخر بالعمل بثقة: إن تفویضنا الآخر بالعمل ومنحه الثقة لیتصرف یدل علی شجاعتنا من قبلنا؛ لأنه سیعمل أخطاء فی أثناء العمل، وسنتحمل بعض الخطأ نحن، وإذا أحسن فسیأخذ من سمعتنا وربما مالنا، ویجب أن یکون التفویض بالاتجاهین، أنت تعطیه المسؤولیة، وهو یحمل المسؤولیة.

28 __ أدخل الناس فی مشاریع ذات قیمة: إن مشارکة الإنسان فی مشاریع ذات قیمة له أثر حمید فی نفسیته، ولکن المشروع الذی له قیمة عند الرئیس قد لا یکون له قیمة عند المرؤوس، فالمشروع الذی له قیمة هو الذی یشارک فیه الفرد فی التخطیط والتفکیر، إن کلاً منا یحتاج أن یشارک فی رسالة لحیاته، وإلا فقدت الحیاة معناها. فالحیاة هی تواصل بین ما نحن علیه وبین ما نصبو إلیه.

29 __ دربهم علی قانون الحصاد: لنعلم من حولنا قانون إعداد الأرض ونثر البذور والعنایة بالنبات وسقایته وإزالة الأعشاب الضارة والحصاد، فهذه الطریقة الطبیعیة تعلمنا أننا نحصد ما زرعناه.

ص: 98

30 __ دع النتائج الطبیعیة تُعلِّم من حولک السلوک المسؤول: إن من أنفع ما نقوم به أن نترک النتائج الطبیعیة لسلوک الناس تعلمهم السلوک المسؤول، قد لا یحبون أن یواجهوا هذا وقد لا یحبوننا حینما نترکهم لنتائج عملهم، ولکن کسب الشعبیة أمر زائل لا یعتمد علیه، فلیکن العدل هو مطلبنا، وحینما نترک العدل یأخذ مجراه فإننا نکون قد منحنا الآخرین حبًا أکثر من عرقلة طریق العدل، فترک العدل یأخذ مجراه یؤمّن نموًا سلیمًا وأمانًا علی المدی الطویل.

ثلاثة أخطاء یجب التغلب علیها:

هناک ثلاثة أخطاء شائعة فی مجال التأثیر فی الآخرین:

_ الخطأ الأول: أن ننصح قبل أن نفهم: قبل أن تؤثر فیَّ لابد أن تفهمنی، إنَّ لی وضعی الخاص ومشاعری الفریدة، فقبل أن تحاول التأثیر فیَّ یجب أن تتأثر أنت بوضعی الفرید.

__ الخطأ الثانی: محاولة إصلاح العلاقة من دون إصلاح الموقف أو السلوک: لقد کان ( إیمرسون ) حکیمًا حینما قال: ( إن ما أنت علیه یصیح فی أذنی بصوت یمنعنی من أن أسمع ما تقول ).

__ الخطأ الثالث: افتراض أن القدوة الطیبة والعلاقة أمر کافٍ: حینما نخطئ هذا الخطأ نغفل أهمیة التعلیم الواضح، والحل أن نتحدث کثیرًا عن الرؤیة والمهمة والأدوار والغایات والمقاییس.

ونهایة المطاف هنا أن حقیقتنا هی ما یحقق التواصل بشکل أکثر فعالیة وأکثر إقناعًا مما نقول.

ص: 99

هناک عدة أنواع للتأثیر فی الآخرین

1. أسالیب الضغط: الإلحاح, أو استخدام التهدیدات والتخویف.

2. التماس دعم المستویات الأعلی: اللجوء إلی المستویات الإداریة الأعلی طلباً للمساعدة أو لإقناع الآخرین بموافقة الإدارة العلیا علی طلبک.

3. المبادلة: مقایضة خدمة مقابل أخری.

4. الاندماج مع الآخرین: حث الآخرین علی الانضمام إلیک بما لدیهم من دعم.

5. الحصول علی استحسان الآخرین: ترک انطباعات إیجابیة عنک فی نفوس الآخرین من خلال قدرتک علی اجتذاب الآخرین ومصادقتهم.

6. الإقناع العقلی: استخدم البراهین والحقائق المنطقیة لإقناع الآخرین.

7. الحصول علی قبول الآخرین بالإیحاء لهم بذلک: استخدم اللغة الرمزیة والمشحونة بالعواطف للعمل علی استحصال ما لدی الآخرین من شعور بالولاء والعدالة.

9. استشارة الآخرین: التماس مشارکتهم فی صنع القرار وفی التخطیط.

ص: 100

سبع طرق للتأثیر فی الآخرین

ألف __ کن قدوة بنفسک

الذی یدعو لشیء ویفعل عکسه یقول للناس: إن الذی أریدکم أن تعلموه أو تعتقدوه یعمل لا یعمل ألا ترون ذلک فیّ؟! إذا أردت أن تقول لأولادک اصدقوا فلا تفکر أن تأمرهم بکذب مثل أن تقول لهم قولوا لفلان إنی غیر موجود إن فعلت هذا فکأنک تقول لهم اکذبوا ولا تسمعوا کلامی.

باء __ تعلم الصمت أحیاناً

إذا أردت فعلاً أن تؤثر فتعلم التوقیت فی الصمت! اصمت بعد أن تقول جملة أو تفعل فعلاً واسمح للشخص أو الأشخاص أن یفکروا، بأنک تنقل لهم معانی عظیمة من خلال أنفسهم لأن الإنسان فی أعماق نفسه عظیم.

جیم __ کن رقیقاً

إن العنف لا یؤثر أبداً، قد یردع أو یوقف عنفاً أو یصدر أمراً لکنه فی الغالب لا یؤثر، وقد قال صلی الله علیه وآله وسلم: "ما کان الرفق فی شیء إلا زانه وما نزع من شیء إلا شانه" کن رقیقاً فی أمورک ومعاملتک مع الآخرین.

دال __ تعلم اللغة اللالفظیة

بعض الدراسات تشیر إلی أن تأثیر الاتصال اللفظی، یشکل فقط 7% وأن 93% هو تأثیر الاتصال اللالفظی، نبرة الصوت، ونظرات العیون،

ص: 101

وحرکات الید. تعلم اللغة العمیقة فی الاتصال من خلال بعض الفنون مثل البرمجة اللغویة العصبیة (nlp).

هاء __ تواضع للناس

مهما کنت فلا تنسَ أنک إنسان، تعقل وتفکر وتشتهی مثلهم تماماً. قال تعالی عن عیسی علیه السلام وأمه ( کانا یأکلان الطعام ) یعنی کانا بشراً یأکلان ولذا یحتجبان وأیضاً یصرفان الطعام. تواضع للناس حتی یحببک الناس ویتأثروا بک.

واو __ أمهل وقتاً للتفکیر

إن التأثیر قد لا یکون سریعاً أعطِ الناس فرصة فی التأثیر والتغییر، إن علیک البلاغ ولیس علیک التغییر ولا النتائج. قد یأتی تأثیرک بعد ساعات أو شهور أو حتی سنوات، لیست هذه مهمتک.

زای __ انسجم مع الناس

إذا أردت أن تؤثر فعلیک أولاً أن تنسجم مع الشخص الذی أمامک من خلال نبرة الصوت وهیئة الجلوس أو الوقوف وطریقة التفکیر وحرکات الجسد وربما سرعة التنفس.

ص: 102

ص: 103

المصادر

1 . الحوار، حسن الصفار.

2 . الخطابة، الکرباسی.

3 . أصول الخطابة الحسینیة، ضیاء الساری.

4 . فن الخطابة الحسینیة، مؤسسة الإرشاد الدینی فی النجف الأشرف.

5 . إدارة الأزمات، دکتور محسن احمد الخضری.

ص: 104

ص: 105

المحتویات

المقدمة

علم الخطابة وفنها

تعریف الخطابة

تاریخ الخطابة

الخطابة ودورها الإعلامی

فائدة الخَطابة

الغایة من الخطابة

أنواع الخطابة

أقسام الخطابة

أ __ العمود

ب __ الأعوان

ص: 106

موضوع الخَطابة

أرکان الخطابة

1 __ الخطیب

2 __ الخِطاب

3 __ المخاطب

علاقة الخطابة بعلم النفس

کیف نحصّل علی الخطابة؟

أ __ قابلیة تلائم الخطابة

ب __ دراسة أصول الخطابة

ج __ الاطلاع علی الکثیر من العلوم

المواصفات والمؤهّلات الذاتیّة للخطیب

1 __ سلامة اللسان

2 __ حُسن البیان وطلاقة اللسان

3 __ حُسن الصوت

4 __ حُسن الصورة والمنظر

5 __ قوّة الحافظة

6 __ قوّة القلب والجرأة

7__ العقل والفطنة والذکاء والذوق السلیم

8 __ سلامة الجسم وقوّته

9__ موهبة الخطابة

العلوم الإسلامیّة

ص: 107

1__ قواعد اللغة العربیّة

2__ المنطق

3__ الفقه

4 __ أُصول الفقه

5 __ الحدیث أو (درایة الحدیث)

6__ الرجال

7__ العلوم القرآنیّة

8 __ الفلسفة الإسلامیّة

9__ العقائد الإسلامیّة أو علم الکلام

10__ التأریخ الإسلامی

11__ السیرة النبویة

12__ سیرة أهل البیت علیهم السلام

13__ علم الأخلاق

14__ علم البلاغة والمعانی والبیان

15__ علم العَروض

16__ علم الخطابة وفنها

المنبر

تعریف الخُطبة الحُسینیّة

شروط الخُطبة الحُسینیّة

أجزاء الخُطبة الحُسینیّة

ص: 108

الحوار

مهارات التفاوض والحوار

الخیار الصحیح

أسالیب الحوار

الهدف النبیل

أخلاقیات الحوار

موضوعیة البحث ومنهجیته

الاحترام المتبادل

نقاط الالتقاء

التعددیة والرأی الآخر

تعریف التعصب

مواجهة التعصب

برامج التربیة والتعلیم

العلاج المعرفی

ثقافة الوحدة والحوار

المناظرة

آداب المناظرة

ص: 109

الأزمات

الأزمة

المبحث الأول: الوصایا العشر للتعامل مع الأزمات

المبحث الثانی: خطوات التعامل مع الأزمة

أولاً __ تقدیر الموقف الأزموی

(أ) تحدید دقیق وشامل للقوی التی صنعت الأزمة

(ب) تحدید وتوقع ورصد لعناصر القوة التی ترتکز علیها القوی الصانعة للأزمة

(ج) تحدید من هی القوی المساعدة والمؤیدة لقوی صنع الأزمة

(د) تحدید لماذا وکیف صنعت الأزمة

ثلاثون طریقة للتأثیر فی الآخرین

بطریقة القدوة: من أنت وکیف تتصرف؟

هناک عدة أنواع للتأثیر فی الآخرین

سبع طرق للتأثیر فی الآخرین

ألف __ کن قدوة بنفسک

باء __ تعلم الصمت أحیاناً

جیم __ کن رقیقاً

دال __ تعلم اللغة اللالفظیة

هاء __ تواضع للناس

واو __ أمهل وقتاً للتفکیر

زای __ انسجم مع الناس

المصادر

ص: 110

إصدارات قسم الشؤون الفکریة والثقافیة فی العتبة الحسینیة المقدسة

تألیف

اسم الکتاب

ت

السید محمد مهدی الخرسان

السجود علی التربة الحسینیة

1

زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الانکلیزیة

2

زیارة الإمام الحسین علیه السلام باللغة الأردو

3

الشیخ علی الفتلاوی

النوران ___ الزهراء والحوراء علیهما السلام __ الطبعة الأولی

4

الشیخ علی الفتلاوی

هذه عقیدتی __ الطبعة الأولی

5

الشیخ علی الفتلاوی

الإمام الحسین علیه السلام فی وجدان الفرد العراقی

6

الشیخ وسام البلداوی

منقذ الإخوان من فتن وأخطار آخر الزمان

7

السید نبیل الحسنی

الجمال فی عاشوراء

8

الشیخ وسام البلداوی

ابکِ فإنک علی حق

9

الشیخ وسام البلداوی

المجاب بردّ السلام

10

السید نبیل الحسنی

ثقافة العیدیة

11

السید عبد الله شبر

الأخلاق (تحقیق: شعبة التحقیق) جزآن

12

الشیخ جمیل الربیعی

الزیارة تعهد والتزام ودعاء فی مشاهد المطهرین

13

لبیب السعدی

من هو؟

14

السید نبیل الحسنی

الیحموم، أهو من خیل رسول الله أم خیل جبرائیل؟

15

ص: 111

الشیخ علی الفتلاوی

المرأة فی حیاة الإمام الحسین علیه السلام

16

السید نبیل الحسنی

أبو طالب علیه السلام ثالث من أسلم

17

السید محمدحسین الطباطبائی

حیاة ما بعد الموت (مراجعة وتعلیق شعبة التحقیق)

18

السید یاسین الموسوی

الحیرة فی عصر الغیبة الصغری

19

السید یاسین الموسوی

الحیرة فی عصر الغیبة الکبری

20

الشیخ باقر شریف القرشی

حیاة الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) ___ ج1

21

الشیخ باقر شریف القرشی

حیاة الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) ___ ج2

22

الشیخ باقر شریف القرشی

حیاة الإمام الحسین بن علی (علیهما السلام) ___ ج3

23

الشیخ وسام البلداوی

القول الحسن فی عدد زوجات الإمام الحسن علیه السلام

24

السید محمد علی الحلو

الولایتان التکوینیة والتشریعیة عند الشیعة وأهل السنة

25

الشیخ حسن الشمری

قبس من نور الإمام الحسین علیه السلام

26

السید نبیل الحسنی

حقیقة الأثر الغیبی فی التربة الحسینیة

27

السید نبیل الحسنی

موجز علم السیرة النبویة

28

الشیخ علی الفتلاوی

رسالة فی فن الإلقاء والحوار والمناظرة

29

علاء محمدجواد الأعسم

التعریف بمهنة الفهرسة والتصنیف وفق النظام العالمی (LC)

30

السید نبیل الحسنی

الأنثروبولوجیا الاجتماعیة الثقافیة لمجتمع الکوفة عند الإمام الحسین علیه السلام

31

السید نبیل الحسنی

الشیعة والسیرة النبویة بین التدوین والاضطهاد (دراسة)

32

الدکتور عبدالکاظم الیاسری

الخطاب الحسینی فی معرکة الطف ___ دراسة لغویة وتحلیل

33

الشیخ وسام البلداوی

رسالتان فی الإمام المهدی

34

الشیخ وسام البلداوی

السفارة فی الغیبة الکبری

35

السید نبیل الحسنی

حرکة التاریخ وسننه عند علی وفاطمة علیهما السلام (دراسة)

36

السید نبیل الحسنی

دعاء الإمام الحسین علیه السلام فی یوم عاشوراء __ بین النظریة العلمیة والأثر الغیبی (دراسة) من جزءین

37

الشیخ علی الفتلاوی

النوران الزهراء والحوراء علیهما السلام ___ الطبعة الثانیة

38

شعبة التحقیق

زهیر بن القین

39

السید محمد علی الحلو

تفسیر الإمام الحسین علیه السلام

40

الأستاذ عباس الشیبانی

منهل الظمآن فی أحکام تلاوة القرآن

41

السید عبد الرضا الشهرستانی

السجود علی التربة الحسینیة

42

السید علی القصیر

حیاة حبیب بن مظاهر الأسدی

43

ص: 112

الشیخ علی الکورانی العاملی

الإمام الکاظم سید بغداد وحامیها وشفیعها

44

جمع وتحقیق: باسم الساعدی

السقیفة وفدک، تصنیف: أبی بکر الجوهری

45

نظم وشرح:  حسین النصار

موسوعة الألوف فی نظم تاریخ الطفوف __ ثلاثة أجزاء

46

السید محمد علی الحلو

الظاهرة الحسینیة

47

السید عبدالکریم القزوینی

الوثائق الرسمیة لثورة الإمام الحسین علیه السلام

48

السید محمدعلی الحلو

الأصول التمهیدیة فی المعارف المهدویة

49

الباحثة الاجتماعیة کفاح الحداد

نساء الطفوف

50

الشیخ محمد السند

الشعائر الحسینیة بین الأصالة والتجدید

51

السید نبیل الحسنی

خدیجة بنت خویلد أُمّة جُمعت فی امرأة – 4 مجلد

52

الشیخ علی الفتلاوی

السبط الشهید – البُعد العقائدی والأخلاقی فی خطب الإمام الحسین علیه السلام

53

السید عبدالستار الجابری

تاریخ الشیعة السیاسی

54

السید مصطفی الخاتمی

إذا شئت النجاة فزر حسیناً

55

عبدالسادة محمد حداد

مقالات فی الإمام الحسین علیه السلام

56

الدکتور عدی علی الحجّار

الأسس المنهجیة فی تفسیر النص القرآنی

57

الشیخ وسام البلداوی

فضائل أهل البیت علیهم السلام بین تحریف المدونین وتناقض مناهج المحدثین

58

حسن المظفر

نصرة المظلوم

59

السید نبیل الحسنی

موجز السیرة النبویة – طبعة ثانیة، مزیدة ومنقحة

60

الشیخ وسام البلداوی

ابکِ فانک علی حق

61

السید نبیل الحسنی

أبو طالب ثالث من أسلم – طبعة ثانیة، منقحة

62

السید نبیل الحسنی

ثقافة العیدیة -طبعة ثالثة، منقحة

63

السید نبیل الحسنی

المولود فی بیت الله الحرام: علی بن أبی طالب علیه السلام أم حکیم بن حزام؟

64

السید نبیل الحسنی

تکسیر الأصنام – بین تصریح النبی صلی الله علیه و آله و سلم وتعتیم البخاری

65

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.